ينتشر في الفضاء السني مجموعة من المغالطات التي تفتح الباب للاختراقات السبئية في الاسلام.
أولى هذه المغالطات يتمثل بمقولة : كتاب البخاري هو أصح الكتب بعد كتاب الله.
هذا القول يضع كتاب الله وكتاب البخاري في ميزان تقييم واحد وفي هذا نوعٌ من الشرك والتجرؤ على الذات الالهية. وهذا شبيه بالقول أن فلان اعلم الخلق بعد الله أو أكرم الخلق بعد الله. فوضع كتاب الله في ضمن سلم تقييم مشترك مع جهد بشري فذلك يعني انتقاص من كتاب الله والغلو وتقديس كتاب البخاري كجهد بشري يمكن مقارنته مع كتاب الله.
هذا التقديس غير المبرر يفتح الباب لرفع مستوى الاحاديث الى مستوى ايات القرآن الكريم.
القرآن الكريم هو عبارة عن هيكلية متكاملة تفسر بعضها بعضاً وتكمل بعضها بعضاً فنصوص وسياق كل آيات القرآن محكمّة من لدن عليم حكيم، بينما الاحاديث الواردة في كتب الاسانيد والصحاح هي عبارة عن مقتطفات مبعثرة في الزمان والمكان خرجت من ذاكرة الرواة وتخضع لاستنساباتهم ونسبية فهمهم.
جمع وتوثيق الاحاديث هو جهد بشري بالكامل وكان الهدف منه اغلاق الباب أمام وضع الاحاديث المكذوبة التي ازدهرت بعد سقوط الدولة الأموية (التي قامت بتحصين القرآن الكريم ضد محاولات العبث) وذلك بتدوين الاحاديث المنسوبة الى النبي، لان تدوين الاحاديث في تاريخ معين يغلق الباب على اختراع اي حديث جديد بعد تاريخ التدوين.
وبعد مرحلة التدوين انكب علماء الحديث على وضع منهجيات لتمحيص الاحاديث الموثّقة عبر تمحيص مزدوج يطال المتن والسند اي سلسلة الرواة الذين تناقلوا الحديث (او ما يعبر عنه بالعنعنة).
والى جانب المحدثين (اي المشتغلين بالحديث) ظهر اصحاب الطبقات والجرح والتعديل اي الذين قاموا بالتحري عن رواة الاحاديث وجمع المعلومات عنهم لتقييم مدى امانتهم وصدقيتهم واهليتهم لرواية الاحاديث وعملية الجرح والتعديل استمرت لمدة طويلة بعد الانتهاء من تدوين الاحاديث.
تعتبر منهجية البخاري في تمحيص الاحاديث من اكثر المنهجيات وثوقاً بين المحدثين وقد عُرف منهجه بشرط البخاري وقد دوّن البخاري حوالي الفين وستمائة حديث من ضمن اكثر من ستمائة الف حديث اخضعها لمنهجه وشرطه. وجدير بالذكر ان البخاري كان يعمل بالتاريخ وبالجرح والتعديل قبل انكبابه على جمع الاحاديث وقد اكد البخاري ان دافعه لكتابة الصحيح هو ذب الكذب عن رسول الله.
لقد شكل كتاب البخاري سداً منيعاً امام السبئيين للحد من كذبهم على الرسول.
دور كتاب البخاري في تحصين علم الحديث للحد من الكذب على الرسول شبيه بدور علم الكلام في الدفاع عن الايمان ودرء الشبهات.
وهذه المغالطة تفتح الباب لمغالطةٍ اخرى تنتشر في الوعي المسلم آلا وهي الخلط بين السنة النبوية الشريفة وبين الاحاديث ولهذا حديث اخر ..
بارك الله في جهودك الرائعة دكتورنا الحبيب أسأل الله تعالى أن يجعله في ميزان حسناتك يوم القيامة. بدفاعك عن صحابة النبي صلى الله عليه وسلم
ردحذف