المغالطة الثانية: السُنّة النبوية الشريفة فقط الأحاديث

المغالطة الثانية تتمثل باعتبار ان السنة النبوية الشريفة هي الاحاديث المنسوبة الى الرسول.
السنة النبوية الشريفة هي الكيفية التي يعمل بها المجتمع المسلم الذي تم تشكيله على ايدي رسول الله في المدينة كما هي التربية النبوية التي حظي بها الانسان المسلم.
السنة النبوية الشريفة تجسدت بمجتمع الصحابة الذين انتشروا في الامصار وكان كل فرد منهم نموذج ومعيار لما يجب ان يكون عليه الانسان المسلم.
بعبارة اخرى فان السنة النبوية الشريفة هي الفقه كما تم استيعابه وتدوينه من قبل جيل التابعين، فهم اقرب الناس عهداً من جيل الصحابة وقد تلقوا العلم والتربية مباشرةً منهم وقاموا بدورهم بتدوينه وتوثيقه بامانة.
السنة النبوية ترتكز على القدوة والاسوة الحسنة اي على الاقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم وباتخاذه اسوة حسنة وليس تتبع اقواله وقد ورد في الاثر ان رسول الله قد منع تدوين حديثه واتبعه بذلك الخلفاء الراشدين.
لا شك ان الوعي المسلم يزخر بذاكرة الصحابة الذين قاموا بالفتوحات العظيمة وحرروا بلاد العرب والشعوب التي تليهم وقاموا باسداء اكبر خدمة للانسانية عبر تدمير الدولة الساسانية وتحجيم الدولة الرومانية وهما دولتا اجرام وطغيان عاثوا في الارض فساداً لقرون طويلة قبل ان تدوسهم سنابك خيل جيوش الفتح.
الى جانب جموع الصحابة الذين قاموا بالفتوحات العسكرية كان هناك جموع الصحابة الذين تكفلوا بنشر الاسلام وتعليمه وتوصيله الى الناس وصياغة الوعي العام وفق المحددات الرحمانية التي طبعها الرسول في عقولهم ونفوسهم.
وما يجب معرفته ان الفقه سابق على توثيق الاحاديث، فقد اكتمل البناء الفقهي بكل حيثياته قبل ظهور صناعة الحديث علماً ان صناعة الحديث اتت لكي تغلق الباب على سيل الاحاديث المكذوبة التي انتشرت بشكل مريع في ذلك العصر.
فبعد تحصين كتاب الله على ايدي جيل الصحابة الكرام تحت اشراف عثمان اكمل جيل التابعين تحت اشراف الحجاج وعبدالملك مهمة تحصين القرآن الكريم بإعجامه، ولم يبقى للسبئيين واصحاب الزيغ والضلال من مجال للعبث بكتاب الله فاتجهوا الى صناعة الاحاديث المكذوبة عن رسول الله بشكل كثيف ومنظم مما حدا بالمسلمين الى القيام بجمع الاحاديث المتداولة في عصرهم لوضع حد لسيل الاحاديث المكذوبة لان عملية توثيق الاحاديث المنسوبة الى رسول الله تضع حداً لاستمرار وضع الاحاديث بعد تواريخ نشر كتب التوثيق.
الاحاديث المنسوبة للرسول كانت تعد بمئات الاف ففي بداية الامر اعتمد المحدثون منهجيات توثيق بسيطة دون تمحيص وبحث معمق ومع الوقت اخذت منهجيات توثيق الاحاديث تصبح اكثر منهجية وحبكة حيث تربع البخاري على قمتها.
في الفترة التي تلت انتقال الرسول الى الرفيق الاعلى، يمكن تقسيم الاحاديث المتداولة الى قسمين، فالقسم الاول هي الاحاديث التي كان يتم تداولها في حلقات العلم وبين اهل العلم من الصحابة والتابعين والقسم الثاني هي الاحاديث المزعومة والتي كان يتم وضعها من قبل السبئيين واهل الاهواء لصناعة شرعية مزيفة وموازية للقرآن ولاستخدامها في المؤمرات وفي الطعن بصحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم او لصناعة مفاضلة بين الصحابة انفسهم سعياً وراء الفتنة.
ومن الناحية التاريخية يمكن ملاحظة ان الفترة الممتدة من خلافة ابو بكر الصديق حتى نهاية الدولة الاموية كانت ترتكز على القرآن الكريم وعلى التطبيق العملي للسنة النبوية بينما ارتكزت الفترة العباسية على الاحاديث المنسوبة للرسول مع كثرة استخدام الحديث في السياسة وفي صناعة شرعية مزيفة كما في شرعنة الاختراق السبئي.
المنظومة الفكرية السنية
المغالطة الأولى: كتاب البخاري هو أصح الكتب بعد كتاب الله

إرسال تعليق

أحدث أقدم