الحلقة الحادية عشر من الحراك السني : نهاية مرحلة وبداية مرحلة جديدة (11)

 

اننا في نهايات مرحلة تاريخية صعبة انتجت الألم و الذل و الاهانة و الدمار لمجتمعاتنا السنية.

خلال هذه المرحلة انهارت مناعتنا الثقافية و الفكرية و السياسية بالكامل و تحولت بلادنا الى أرض سائبة و أعراض مباحة و سجن كبير....

خلال هذه الحقبة العصيبة ... تشّتت بنا السبل و اتبع كل منا منهجا ظنه طريقا صوابا للخروج من المحنة...

خلال هذه الحقبة العصيبة ...خاض كل منا تجربته الخاصة حاول من خلالها النهوض بأمته...

حالة الهزيمة الحضارية و الفراغ الفكري و الثقافي ... دفعت بنا الى اعتناق المبادئ و المناهج التي لوثت نفوسنا واستعمرت فضائنا الفكري...

و تستمر معركة الوعي و معركة الفكر و يستمر الضمير السني الحيٌ يطرق على الأذان حتى تستيقظ العقول ..

نعم لقد تعرض العقل العربي السني الى عملية تسخيف مبرمّجة تستمر منذ عقود ... ‏ولقد تم تشكيك الإنسان السني بنفسه و بفكره وبكل ما يمت إليه بصلة. فالاسلام السياسي و الايديولوجي بكل أشكاله : السلفي و الاخواني هو نتيجة هذا التسخيف.

كما ان الفكر العلماني و الليبرالي المتداول في أوساط العرب هو نتيجة هذا التسخيف. نحن لا نتعرض للفكر العلماني و الليبرالي كتجربة سياسية فكرية للشعوب الأخرى و من هذا المنظور يندرج التعاطي مع هذا الفكر في اطار التفاعل و التلاقح بين الشعوب ضمن اطار الحضارة الانسانية التي نشكّل - نحن أهل السنة - جزءاً اساسياً منها. لأننا اصحاب أطول فترة حضارية في التاريخ و أغزرها عطاءاً و منفعةً للإنسان .. لا ينتقص منها الجحود و النكران ... لان مئات الشعوب التي أخرجناها من حالة التهميش و فتحنا لها باب الاندماج و التفاعل الحضاري تشهد على عظمة عطائنا ...

العلمانيين و الليبراليين العرب جعلوا من الفكر العلماني غطاء لارتكاسهم النفسي و لهزيمتهم النفسية و لحقدهم على الاسلام و لطفوليتهم الفكرية ...

الاسلامويين حجموّا الاسلام الى مستوى ايديولوجية سياسية هدفها الوصول الى السلطة و جعلوا منه أداة قمع للعقل و للفكر و وسيلة ازدراء لكل مظاهر الحياة الاجتماعية و الفكرية و الفنية و الثقافية ...

الاسلام الذي بنى حضارة عريقة شكلت مفصلاً اساسياً في المسار الإنساني و أعاد الحياة الى عملية الارتقاء الإنساني ... و اخرج من مجاهل النسيان علوم شعوب الارض قاطبة و صهرها في بوتقة إنسانية كونية دون استئثار او إقصاء ... هذا الاسلام العظيم ... تحول على أيدي الإسلاميين من أخونجية و سلفنجية الى عالة على المجتمعات الاسلامية و انتج كل اشكال البشاعة الخُلقية و النفسية و اصبح مصدراً لاغلب الامراض الأجتماعية المتفشية في مجتمعاتنا ...

عملية تسخيف العقل العربي لا زالت مستمرة تقودها بعض القنوات الاعلامية العربية، عبر استقطاب الوعي العربي بين قطبيّ السخافة الأسلمنجي و العلمنجي الذين رفضتهما الشعوب العربية و أركنتهما على هامش حراك التغيير و الثورة الذي استحدثته منذ بداية الحراك الشعبي العربي.

الفكرين العلمنجي و الأسلمنجي هم وجهان لعملة واحدة ... وبينهما الفراغ ... هذا الفراغ هو نتيجة التصحير الفكري و حالة التسخيف المبرمّجة للعقل العربي و نتيجة تلويث الفضاء العربي السني بمفاهيم هجينة تم التقاطها من نفايات الشعوب التي خاضت تجاربها الخاصة بها وفق آلياتها التاريخية الخاصة بها للوصول الى غايات منبثقة من هويتها و ثقافتها و موقعها الحضاري ...

احتلال الإسلامنجية و العلمنجية للحيّز الفكري و الثقافي العربي و تعطيل القدرات العربية السنية مرده الى حالة الفراغ الفكري و الثقافي ...

من هنا اصبح ملحاً على النخبة الحقيقية للأمة إعادة انتاج نموذج فكري حضاري يضع حداً لحالة الفراغ و يفتح أمام القوى الحيّة و الشرائح الفاعلة و المنتجة آفاق الحركة و العمل للنهوض و البناء ...

مسؤولية انتاج الفكر الحيّ و الخلاّق يقع على عاتق الشريحة الطلابية و الشبابية كثمرة لتجربتها الحية و من خلال تفاعلها مع الواقع لإستنباط الأفكار الخلاقّة و رسم أفاق المستقبل و الاستعداد لقيادة حركة الأمة نحو آفاق التقدم و الازدهار ...

من شروط الانتصار هو ان يقوم كل فرد بدوره و ان تقوم كل شريحة من شرائح المجتمع بدورها ...

و العبء الكبير يقع على عاتق الشريحة الطلابية و الشبابية في معترك المواجهة و التي يتوجب عليها اتخاذ مواقعها الفكرية و الثقافية المتقدمة ...

اننا على ثقة ان شبابنا و طلابنا في الجامعات و المدارس على أرض الشام و في المهجر و في المنفى ... انهم على قدر المسؤولية و انهم يختزنون الطاقات و الذكاء و ملكات الإبداع.

#المنظومة_الفكرية_السنية من أجل ثقافة #سنية خالية من #التشيع

إرسال تعليق

أحدث أقدم