خلال هذه المرحلة انهارت مناعتنا الثقافية و الفكرية و السياسية بالكامل و تحولت بلادنا الى أرض سائبة و أعراض مباحة و سجن كبير....
خلال هذه الحقبة العصيبة ... تشّتت بنا السبل و اتبع كل منا منهجا ظنه طريقا صوابا للخروج من المحنة...
خلال هذه الحقبة العصيبة ...خاض كل منا تجربته الخاصة حاول من خلالها النهوض بأمته...
حالة الهزيمة الحضارية و الفراغ الفكري و الثقافي ... دفعت بنا الى اعتناق المبادئ و المناهج التي لوثت نفوسنا واستعمرت فضائنا الفكري...
و تستمر معركة الوعي و معركة الفكر و يستمر الضمير السني الحيٌ يطرق على الأذان حتى تستيقظ العقول ..
نعم لقد تعرض العقل العربي السني الى عملية تسخيف مبرمّجة تستمر منذ عقود ... ولقد تم تشكيك الإنسان السني بنفسه و بفكره وبكل ما يمت إليه بصلة. فالاسلام السياسي و الايديولوجي بكل أشكاله : السلفي و الاخواني هو نتيجة هذا التسخيف.
كما ان الفكر العلماني و الليبرالي المتداول في أوساط العرب هو نتيجة هذا التسخيف. نحن لا نتعرض للفكر العلماني و الليبرالي كتجربة سياسية فكرية للشعوب الأخرى و من هذا المنظور يندرج التعاطي مع هذا الفكر في اطار التفاعل و التلاقح بين الشعوب ضمن اطار الحضارة الانسانية التي نشكّل - نحن أهل السنة - جزءاً اساسياً منها. لأننا اصحاب أطول فترة حضارية في التاريخ و أغزرها عطاءاً و منفعةً للإنسان .. لا ينتقص منها الجحود و النكران ... لان مئات الشعوب التي أخرجناها من حالة التهميش و فتحنا لها باب الاندماج و التفاعل الحضاري تشهد على عظمة عطائنا ...
العلمانيين و الليبراليين العرب جعلوا من الفكر العلماني غطاء لارتكاسهم النفسي و لهزيمتهم النفسية و لحقدهم على الاسلام و لطفوليتهم الفكرية ...
الاسلامويين حجموّا الاسلام الى مستوى ايديولوجية سياسية هدفها الوصول الى السلطة و جعلوا منه أداة قمع للعقل و للفكر و وسيلة ازدراء لكل مظاهر الحياة الاجتماعية و الفكرية و الفنية و الثقافية ...
الاسلام الذي بنى حضارة عريقة شكلت مفصلاً اساسياً في المسار الإنساني و أعاد الحياة الى عملية الارتقاء الإنساني ... و اخرج من مجاهل النسيان علوم شعوب الارض قاطبة و صهرها في بوتقة إنسانية كونية دون استئثار او إقصاء ... هذا الاسلام العظيم ... تحول على أيدي الإسلاميين من أخونجية و سلفنجية الى عالة على المجتمعات الاسلامية و انتج كل اشكال البشاعة الخُلقية و النفسية و اصبح مصدراً لاغلب الامراض الأجتماعية المتفشية في مجتمعاتنا ...
عملية تسخيف العقل العربي لا زالت مستمرة تقودها بعض القنوات الاعلامية العربية، عبر استقطاب الوعي العربي بين قطبيّ السخافة الأسلمنجي و العلمنجي الذين رفضتهما الشعوب العربية و أركنتهما على هامش حراك التغيير و الثورة الذي استحدثته منذ بداية الحراك الشعبي العربي.
الفكرين العلمنجي و الأسلمنجي هم وجهان لعملة واحدة ... وبينهما الفراغ ... هذا الفراغ هو نتيجة التصحير الفكري و حالة التسخيف المبرمّجة للعقل العربي و نتيجة تلويث الفضاء العربي السني بمفاهيم هجينة تم التقاطها من نفايات الشعوب التي خاضت تجاربها الخاصة بها وفق آلياتها التاريخية الخاصة بها للوصول الى غايات منبثقة من هويتها و ثقافتها و موقعها الحضاري ...
احتلال الإسلامنجية و العلمنجية للحيّز الفكري و الثقافي العربي و تعطيل القدرات العربية السنية مرده الى حالة الفراغ الفكري و الثقافي ...
من هنا اصبح ملحاً على النخبة الحقيقية للأمة إعادة انتاج نموذج فكري حضاري يضع حداً لحالة الفراغ و يفتح أمام القوى الحيّة و الشرائح الفاعلة و المنتجة آفاق الحركة و العمل للنهوض و البناء ...
مسؤولية انتاج الفكر الحيّ و الخلاّق يقع على عاتق الشريحة الطلابية و الشبابية كثمرة لتجربتها الحية و من خلال تفاعلها مع الواقع لإستنباط الأفكار الخلاقّة و رسم أفاق المستقبل و الاستعداد لقيادة حركة الأمة نحو آفاق التقدم و الازدهار ...
من شروط الانتصار هو ان يقوم كل فرد بدوره و ان تقوم كل شريحة من شرائح المجتمع بدورها ...
و العبء الكبير يقع على عاتق الشريحة الطلابية و الشبابية في معترك المواجهة و التي يتوجب عليها اتخاذ مواقعها الفكرية و الثقافية المتقدمة ...
اننا على ثقة ان شبابنا و طلابنا في الجامعات و المدارس على أرض الشام و في المهجر و في المنفى ... انهم على قدر المسؤولية و انهم يختزنون الطاقات و الذكاء و ملكات الإبداع.
#المنظومة_الفكرية_السنية من أجل ثقافة #سنية خالية من #التشيع