أرشيف انقلاب منظومة الشيطان على الإسلام
الخيارات
في المدينة كانت محدودة فقد بدأ الاحتكاك بالامبراطورية البيزنطية التي كانت تحتل
الشام ومصر وبلاد المغرب وتتقاسم احتلال الاراضي العربية مع الدولة المجوسية
الفارسية التي كانت تحتل العراق وتحيط بنفوذها بالجزيرة العربية.
خارج
المدينة في الجزيرة العربية كان التحضير للانقلاب على قدم وساق وحركة الارتداد على
اشدها ولم يلبث حتى تنظم القبائل المرتدة صفوفها لكي تهاجم المدينة وتسحق مجتمعها.
ازاء
الوضع السائد كان للصحابة رأيين، رأي يقول به سيدنا ابو بكر الصديق رضي الله عنه
ورأي اخر لباقي الصحابة الذين كانوا يميلون الى ايقاف بعث سيدنا اسامة بن زيد رضي
الله عنه بدعوى ان ذلك يؤدي الى كشف المدينة عسكرياً كما كانوا يريدون تجنب الحرب
عبر التجاوب مع حركة تمرد القبائل وايجاد صيّغ مقبولة منهم.
وكان
موقف ابو بكر هو الاصرار على إنفاذ بعث اسامة رغم اعتراض الصحابة ورفض اي مساومة
مع المرتدين.
اي
ان رؤية الصديق كانت عدم التعامل مع التفاصيل وعدم الاكتراث بالعوارض انما التعامل
مع جذر المسألة لان المسألة هي مسألة إيمان وكفر وماذا بعد الايمان الا الكفر
وبذلك يكون الصديق قد ارسى قاعدة عدم الخوض بالتفاصيل مع منظومة الشيطان لان
التفاصيل هي الفخ الذي ينصبه الشيطان واثارة هذه التفاصيل لا هدف لها الا التمويه
على الاهداف الخبيثة.
حسابات
الصحابة كانت حسابات سياسية وعسكرية اعتماداً على مقاربة موازين القوى اما الصدّيق
فكانت حساباته تنتمي الى فضاءٍ اخر، لقد كانت حسابات ايمانية اعتماداً على
الموازيين القائمة في عالم الغيب.
لقد
نفذ سيدنا ابو بكر ببصيرته الثاقبة ليرى بوضوح الانقلاب الشيطاني ولم يكن لديه اي
استعداد للخوض في التفاصيل فكيف لا وهو الامين على دورة الرحمن وخليفة رسول الله
صلى الله عليه وسلم.
ومن
فوق مظاهر الضعف التي توقف عندها نظر اصحابه فقد نفذ ابو بكر ببصيرته ليرى عوامل
القوة والمنعة واليقين بنصر الله.
وكان
على ابو بكر ان يأخذ بيد اصحابه ليرتقي بهم الى مستوى الفهم المطلوب بما يليق
بانتمائهم لهذه المنظومة الرحمانية وبالدور المنوط بهم.
لقد
كان ابو بكر يقف على مرتفع من الادراك واليقين لم يلبث الصحابة الا ان ارتقوا
بفهمهم اليه كما كان حال عمر بن الخطاب رضي الله الذي ظل يراجع الصدّيق الى ان فتح
الله عليه. فقد اخذ ابو بكر بيد عمر ليرتقي به في مدارج ومعارج الايمان ليكتسب
البصيرة والقدرة على النفاذ الى كنه الامور والاشياء خلف الحجب التي تتراكم على
العيون والقلوب.
وما
قول ابو بكرٍ انه لن يترك عقال بعير يفلت من يده الى يد اعوان ابليس الا تأكيدٌ
على مدى وعيه وحفظه للامانة ولعهد رسول الله ولمكانته كصدّيق هذه الامة التي لو
وُزِن بها لوزنَها.
وبذلك
انتظم عقد الصحابة الكرام تحت قيادة الصدّيق الراشدة الذي قام بإنفاذ بعث اسامة
ورفض بدون هوادة الانقلاب الشيطاني واعلنها حرب اجتثاث ابليس واعوانه المرتدين.
واستّل
سيدنا ابو بكر سيفه وشهره في وجه ابليس ومنظومته اللعينة واخذ هذا السيف يجول
ويقتلع منظومة ابليس من جذورها واستحق هذا السيف ان يَطلق عليه سيدنا ابو بكر سيف
الله المسلول، سيدنا خالد بن الوليد رضي الله عنه وجزاه الله كل خيرٍ عن امة محمد
صلى الله عليه وسلم.
وباقل
من سنة قضى سيدنا ابو بكر على محاولات ابليس إعادة سيطرته على عقول ونفوس اهل
الجزيرة العربية ووجه جيوش المسلمين لتحرير الشام والعراق من الاحتلالين البيزنطي
والمجوسي الفارسي.
وانتهى
عهد سيدنا ابو بكر الصديق رضي الله عنه بوفاته رحمه الله عشية معركة اليرموك، هذه
المعركة التي قصمت ظهر الاحتلال النصراني البيزنطي وادت الى تحرير الشام بالكامل
من رجس ونجاسة البيزنطيين.
لقد
اجهض ابو بكر الصديق رضي الله عنه اول محاولة إنقلاب شيطانية على الاسلام واخطرها
وسيكون لكريمته الفقيهة العالمة أمنا عائشة ام المؤمنين رضي الله عنها حرم رسول
الله صلى الله عليه وسلم الدور العظيم والفضل الكبير لاجهاض ثاني محاولة إنقلابية
شيطانية على الاسلام والتي قادها الملعون ابن سبأ.
فلله
درك يا سيدي، لله درك يا أبا بكر، لله درك يا صاحب رسول الله، لقد أحبطت الانقلاب
الشيطاني الأول وابنتك الصديقة أمنا عائشة رضي الله عنها حرم رسول الله صلى الله
عليه وسلم احبطت الانقلاب الشيطاني الثاني (السبئي).
