دعوة الإخوان المسلمين الى المراجعة !

منذ تأسيس حركة الاخوان المسلمين في مصر على يد استاذ الخط العربي في احدى مدارس الاسماعيلية حسن البنا انتشر فكرها في مصر ومنها الى باقي البلدان العربية.

لقد استبشر الكثير من الخلق بهذا الحركة التي كانت تحمل لواء الاسلام ونظروا اليها على اعتبارها سداً في وجه انتشار الافكار الالحادية على انواعها.

النظر الى الاجيال الاولى من الاخوان المسلمين يجب ان يكون في سياق مرحلتهم التاريخية فقد افضوا الى ما عملوا فإن الرؤية الواضحة في ظروف تلك المرحلة الضبابية والملبّدة كانت شبه مستحيلة ويبقى لهم فضل الانحياز الى اي جانب فيه شعار الاسلام واثر من رسول الله صلى الله عليه وسلم بدل الانغماس في المعمعات الايديولوجية المهيمنة آنذاك وبدل الانسلاخ والغوص في المتاهات والايديولوجيات الشيطانية لجأ هولاء الى اقرب صعيد يعصمهم من مجارف الشيطان.

بعد قرن من ظهور "دعوة" الاخوان المسلمين وبعد تعاقب اجيال تحمل هذه الدعوة وبعد انغماس الاخوان المسلمين في المعترك السياسي والاجتماعي والثقافي وبعد الدور الذي لعبوه في العقد الاخير في المنطقة العربية وبعد تسلق الاخوان المسلمون على الثورة السورية وقيادتها الى الهزيمة التي نتج عنها ان يصبح اطفالنا طعماً لاسماك البحار وان يتشرد اكثر من نصف السوريين وان نحتسب عند الله اكثر من مليوني قتيل وكمية لامتناهية من المآسي وانهار من دموع القهر والاسى.

نحن اليوم في مرحلة مفصلية والجولة الثانية من الثورة السورية قادمة والجولة الثانية وان لم تكن من فعل السوريين انفسهم فستكون من فعل اعدائهم لان الامور ما زالت معلقة والمشروع الشيعي مستمر ولن يقف احد في منتصف الطريق وسيكون على الشعب السوري، آجلاً ام عاجلاً ان يواجه طعنات هذا المشروع مُستقبلِاً او مُستدبرِاً.

لقد نام طلحة والزبير واصحابهما مطمئنين الى الكلام المعسول واستفاقوا على سيوف الغدر تهوي عليهم في ظلمات الليل.

فالاخوان المسلمون مدعوون الى مراجعة سياسية ونقد ذاتي حول دورهم في هزيمة الثروة السورية، لكنهم مدعوون ايضاً الى مراجعة فكرية وعقائدية حيث ان فكر الاخوان المسلمين هو في واقع الامر التشيّع السياسي.

حركة الاخوان المسلمين مغروسة في الحاضنة السنية وهي النفق الذي يعبر منه الشباب السني الى التشيّع السياسي ومنهم من يتابع الطريق الى التشيّع العقائدي الديني.

فكر الاخوان المسلمين يتمحور حول مفهوم السلطة والدولة كما ان اساس التشيّع هو الحكم والدولة بينما مسألة الدولة لا تندرج ضمن المباحث الفقهية السنية.

يقف الاخوان المسلمون موقف العداء من سيدنا عثمان رضي الله عنه ويعتبرون البغاة ثوار ويؤيدون الانقلاب السبئي ضد الاسلام.

يقف الاخوان المسلمون ضد الدولة الاموية وخاصة ضد الجبل السني الاشم معاوية بن ابي سفيان رضي الله عنه وهم بذلك في نفس خندق المجوس والحاقدين على العرب والاسلام.

منذ عشرات السنين وكتابات سيد قطب تعتبر الركيزة الاساسية للفكر السياسي الاخواني ومن المعلوم ان سيد قطب هذا لم يكن عالماً في الدين وكان اديباً ومن جماعة العقاد فلذلك لا يمكن الركون دينياً الى كتابات سيد قطب والذي تفوح من كتاباته المنهجية الماركسية في التحليل، سيد قطب ماركسي. من المؤكد ان فكر الاخوان المسلمين وفكر سيد قطب سيتلاشى وينتهي وجوده في الحيّز السني وهذه مسؤولية الاخوان المسلمين التحلي بالشجاعة وإجراء مراجعة فكرية ونقدية لان الشفافية هي من شروط النهوض السني وانهم يُدينون للمسلمين بهذه المراجعة حتى يحدد المعتنقين لفكر الاخوان موقعهم عن بصيرة وعن سابق علم ومن يصر على تشيّعه بعد ذلك فهذا خياره ومن يعود الى الحضن السني فهو يعود الى اهله.

دمشق الأموية عاصمة المجد العربي

الثورة مستمرة والجولة الثانية قادمة وجذوة الغضب لا تزال مشتعلة وانها استراحة المحارب وستعود دمشق الاموية عاصمة المجد العربي.
 منذ الجولة الاولى من الثورة المباركة تراكمت التجارب وتعددت الاتجاهات وادت الاختراقات والتدخلات الخارجية لان تتفتت ثورتنا الى ثورات.
الاختراقات والتدخلات الخارجية ادت الى تجييش اهل السنة ضد بعضهم البعض واصبح هناك جيوش ذات قيادات تابعة لاجهزة المخابرات الاقليمية والدولية وذات عديد مكوّن من الشباب السني المغرر به تخوض حرب القضاء على الجيش الحر والفصائل الثورية وتستعيد الاراضي التي حررها الثوار الى سيطرة النظام النصيري.
الاخوان المسلمون كانوا طرفاً فاعلاً في المرحلة التي تلت اندلاع الثورة وتمكنوا لاحقاً بمساعدة دول اقليمية من ركوبها واستلام قيادتها.
وقاد الاخوان المسلمون الثورة السورية الى الهزيمة والى طرحها في بازار المقايضات الاقليمية والى استدراج العداوات ضدها.
لم يكن الاخوان المسلمون يتمكنون من التسلق على الثورة لولا الدعم المخابراتي والاعلامي والمالي وعلى عكس ما يظن الاخوان المسلمون السوريون فإن هذا الدعم كان في حقيقته استثماراً لانقاذ نظام الاسد والمحافظة عليه وكانوا هم الاداة لذلك ففي رقبة قيادات الاخوان جرم الدماء السنية المسفوكة والمدن السنية المهدمة ويعود لهم الفضل الكبير في استمرار حكم الاسد.
لا يوجد لدى الشعب السوري حائطاً للبكاء ولن يكون هناك حفلات لطم سورية للتأسف والتحسر على ما فات ولن يتراكم في نفوس السوريين اليأس وشعور الاحباط بل اليقين بأن الجولة الثانية آتية ولن يكون فيها مكان للانتهازيين والمتسلقين وسيكون السوريون جسماً واحداً ورؤية واحدة وكيان واحد.
فبعد ان يذهب الذين تاجروا بالثورة وبدماء السوريين بمكاسب تجارتهم وبعد ان ينزوي الانتهازيون بمكاسب انتهازيتهم وبعد ان يلفظ الشعب السوري المأجورين ستبقى الحاضنة السنية الشامية مع كل ما اختزنته من تجارب ومعاناة ومن ذكريات محفورة في النفوس : وهذا وقت المراجعة.
لا يوجد تشخيص محدد لمن هو اخوان مسلمين لان الفكر الاخونجي كان مسيطراً على الثقافة العامة وكان المد الاخونجي مدعوماً بالمال والاعلام  وكان هناك مسلمّة عامة ان الانسان الاخونجي هو مثال الانسان المسلم الملتزم وان الاخوان المسلمبن هم السد امام انتشار الافكار والايديولوجيات العلمانية والشيوعية ولذلك كانت الانظمة العربية تستثمر وجودهم.
الشعب السوري وبخاصة الشعب السني السوري ينتظر من الاخوان المسلمين مراجعة من قبلهم تتناول تجربتهم وانجازاتهم ورؤيتهم المستقبلية للوضع في سوريا.
ليس من الطبيعي ان حزباً سيقارب عمره المائة سنة  لا يوجد لديه رؤية مستقبلية للوضع في سوريا ويمتنع عن تقديم مراجعة وتقييم للوضع امام الشعب السوري.
ليس من الطبيعي ان حزباً تلقى ملايين الدولارات وتم تدريب كوادره في دول عديدة ان يلتزم صمت الاموات في مرحلة مصيرية.
الاخوان المسلمون السوريون مدعوين الى تقديم جردة حساب امام الشعب السوري لدورهم والى اجراء نقد ذاتي لدورهم ولارتباطاتهم الخارجية وللاتفاقيات التي تورطوا فيها وخاصة تلك التي عقدوها مع الايرانيين.
ستكون الصراحة والشفافية عنوان المرحلة القادمة وعندما يتقدم حزب ما الى التسلق على قيادة  الثورة بدعم خارجي فواجب عليه ان يقدم كشف حساب عن انجازاته.
الثورة السورية التجرية و التقييم

 

إرسال تعليق

أحدث أقدم