اندلعت الثورة السورية في شهر اذار 2011 ونحن الان شهر اذار 2023 اي انه مضى على اندلاع الثورة السورية 12 سنة.
بعد
12 سنة من اندلاع الثورة لم يزل بشار الاسد رئيساً لسورية وقد تم قتل اكثر من
مليوني سني سوري وتهجير اكثر من نصف سنّة سوريا اي ما يقارب عشرة ملايين سني تم
تهجيرهم.
فما
هي اذاً حصيلة الثورة السورية ؟
وما
هي الانجازت التي حققتها ؟
وهل
انتهى الامر بالهزيمة ؟
وما
هو مستقبل سوريا ومستقبل الحكم النصيري والاحتلال الشيعي الايراني ؟
ربما
ان هذه الاسئلة تدور في مخيلة الكثيرين وربما انها لا تخطر على بال احد وان يكون
الجميع قد اسلموا امرهم تسوقه الاقدار كما تشتهي سفن الشيعة والمجوس.
سيكتب
التاريخ ان الثورة السورية هي اعظم ثورة في تاريخ البشرية وان مفاعيل انتصارها لا
تزال مستمرة عبر قرون طويلة وستتغنى الاجيال السنية القادمة ببطولات الجيل الذي
فجر الثورة وبعظمة اؤلئك الذين خرجوا من تحت اثقال التهميش والقمع والاضطهاد
ليواجهوا بصدور عارية الات القتل النصيرية واضطروا منظومة ابليس المهيمنة على
استنزاف كل قدراتها لقمع ثورتهم وحماية الجزار النصيري من السقوط.
وستتغنى
الاجيال السنية القادمة بالجيل الذي حقق الانتصار واقتلع نظام الاجرام النصيري
وطهر الارض من الاحتلالات على انواعها وفي مقدمها الاحتلال الايراني.
هذا
الجيل الذي نشأ في المدن المهدمة وفي مخيمات اللجوء وافترش الارض والتحف السماء
وتقاسم افراده لقيمات الخبز يسدون بها رمق البطن.
الثورة
لم تنتهي ..
المعركة
لا زالت قائمة …
عام
2011 كان الشعب السني في سوريا يعيش في مسلخ في الهواء الطلق وقد اقفلت عليه كل
منافذ الحرية والحياة الطبيعية وقد جعلوا الخوف والرعب جزءاً اصيلاً من بنيانه
النفسي وشيدوا حول كل فرد سوري سور الخوف والرعب وكان السني السوري يساق الى اقبية
التعذيب تحت اي شبهة او حتى بدون شبهة وذلك لان السفاحين والجلادين النصيريين
كانوا بحاجة دائمة لضحايا يمارسون عليها ساديتهم واجرامهم.
علم
2011 اندلعت ثورات الريبع الامريكي والتي كانت تهدف الى ايصال جماعات الاخوان
المسلمين الى السلطة وتغيير هوية المنطقة العربية من الهوية السنية الى الهوية
الشيعية بشقيها الديني والسياسي، حيث انه كان مرسوماً ان تتحول البلاد التي تحتوى
على نسب كافية من الشيعة الى التشيّع الديني وان تتحول الدول التي لا توجد فيها
اقليات شيعية الى التشيّع السياسي الذي تمثله احزاب الاخوان المسلمون واخضاع هذه
البلاد الى عمليات تشييع مستمرة وطويلة الامد.
لقد
تم استثناء سوريا من الربيع العربي (الامريكي) لان سوريا كانت باعتبارهم امرها
منتهي تماماً تحت سيطرة حديدية للنظام النصيري وحيث التشييع يجري على قدم وساق
وانه لن تقوم الاهل السنة في سوريا قائمة ابداً.
لذلك
عندما انطلقت فعاليات الحراك الثوري السوري وقف العالم لا يعي ماذا يحصل لان اي
حراك في سوريا كان في حكم المستحيل وان ثقة منظومة ابليس المهيمنة بالنظام العلوي
وبقبضته الحديدية الدموية مطلقة.
بل
وان النظام السوري كان من مؤيدي الربيع العربي.
وانطلقت
الثورة في سوريا…
وعجز
النظام النصيري عن قمعها…
وبدأت
الثورة تكبر وتكبر بشكل يفوق كل التوقعات وبدأ النظام النصيري يتهاوى وبدأت عمليات
دعم وانقاذ النظام النصيري :
اختراق
الحراك الثوري بواسطة قناة الجزيرة والاموال القطرية، تنصيب الشكل البشري القميئ
غليون كقائد للثورة والذي بدأ منذ ان تسلم مهامه التحريض على الشعب السوري والجيش
الحر ويذهب يميناً وشمالاً لاقناع الحكومات بعدم دعم الثورة وقد دشن مهتمه القذرة
بزيارة ليبيا للطلب من قيادة الحراك الليبي عدم ارسال سلاح الى الجيش الحر.
وبدأ
ارسال الاموال الى سوريا لتشكيل ميليشيات اخوانية بعد ان تم التوافق بين الاخوان
المسلمين والايرانيين على القبول بهم كشركاء مع بشار الاسد. وكل هذا لم يكن كافياً
بايقاف الثورة فتم إدخال السلفيين ومجموعات القاعدة لضرب التشكيلات الثورية والجيش
الحر ومن ثم افتعال معارك بين هذه المجموعات لقتل اكبر عددٍ من افرادها لان
عناصرها كانوا من الشباب السني المغرر به.
وكل
ذلك لم يكفي لاخماد الصورة، فتم إدخال بعض الدول على خط العداء للثورة السورية
ولكن تحت غطاء صداقة مزيفة.
كل
هذا لم يكفي فتم ادخال الميلشيات الشيعية من لبنان والعراق حتى ان الحشد الشيعي
للحرب في سوريا شمل بلاد بعيدة كافغانستان وباكستان وغيرها.
وكل
ذلك لم يكفي للقضاء على الثورة فتم دخول الجيش الروسي وبدأت عندها الميليشيات
السلفية الاخونجية بتسليم المناطق التي انتزعتها من الجيش الحر الى الجيش الروسي ضمن
توافق اقليمي.
على
المستوى الاقليمي كانت مفاعيل الربيع الامريكي/العربي مستمرة وكانت عمليات دعم
الحركات الاخوانية لاستلام السلطة في دول الثورات على قدم وساق لكن تيّقظ الدولة
السعودية والجيش المصري ادى الى احتواء الهجمة الامريكية الاخوانية الشيعية وفي
بادئ ذي بدء تم انقاذ مصر من سيطرة الاخوان المسلمين بعد ان ثار الشعب المصري بدعم
من جيشه البطل وانقذوا مصر من الهاوية التي كان يجرها اليها التحالف الاخواني
الايراني حيث ان الرئيس الاخواني لمصر سارع منذ بداية عهده الى تمكين الايرانيين
من التغلغل في مصر والعمل على اعادتها الى الحقبة الفاطمية (العبيدية) كما يجب
الاشارة الى دخول الجيش السعودي الى البحرين ومنع الايرانيين من انشاء رأس جسر
شيعي لغزو جزيرة العرب ولا يزال الجيش السعودي حتى يومنا هذا يتصدى لمحاولات
الاختراق الايرانية على الحد الجنوبي.
لقد
عان الشعب السوري وثورته من تداعيات المواجهة بين المحور السعودي المصري ضد مشروع
السيطرة الاخوانية حيث ان نجاح الاخوان المسلمين بمساعدة قناة الجزيرة من ركوب
واغتصاب قيادة الحراك الثوري السوري الى نقل الموقف العربي خاصة المصري والسعودي
الى خانة الحذر وحتى العداء للثورة السورية.
وبكل
اسف فان قصور نظر القيادتين السعودية والمصرية واحجامهم عن دعم الحراك السوري بسبب
عدائهم المحق للاخوان المسلمين ادى الى هزيمة هذا الحراك والى كشف خاصرة المنطقة
العربية امام الهجمة الشيعية الايرانية.
لقد
كان بامكان القيادة السعودية دعم اهل السنة في سوريا ضد سيطرة الاخوان المسلمين
كما فعلت مع الاخوة المصريين بدل وضع كل الشعب السني في سوريا في خانة الاخونجيه
وتركهم ليواجهوا وحدهم الاوضاع الصعبة حيث تتقاذفهم الكلاب الشرسة وعملياً فإن شطب
اهل السنة في سوريا من المعادلة السياسية والديموغرافية هو نقطة ضعف رهيبة للملكة
السعودية لا يمكن تعويضها وبغض النظر عن الاستراتجيات التي تتبعها المملكة
السعودية للحفاظ على امنها فان خاصرتها المكشوفة في الشام هي نقطة ضعف خطيرة خاصة
في ظل هجمة شيعية ايرانية تاريخية لن تتوقف الا عند اعتاب الكعبة او عند وصول جيوش
سنية الى اوكار قم لتدميرها واخراج الجرذان الشيعية من اقبيتها.
في
بداية الحراك السني عام 2011 كان هناك قناعة عامة متجذرة لدى كل دول المنطقة
والعالم بأن الحراك السني في سوريا ليس اكثر من زوبعة في فنجان وان النظام السوري
سيتمكن من القضاء عليها بسهولة فائقة وانه لن يكون في سوريا اي تغيير في الوضع
القائم. لان ما كان مرسوماً بالربيع العربي هو احداث تغييرات في بعض الدول العربية
وإيصال الاخوان المسلمين الى السلطة وتثبيت نوعاً من النفوذ الايراني في مناطق
تواجد اقليات شيعية كبيرة خاصة العراق لبنان البحرين واليمن.
يعني
هدف المخطط الامريكي الذي اُصطلح على تسميته بالربيع العربي كان يقوم على الغاء
الصبغة السنية عن المنطقة واحلال صبغة شيعية مكانها من خلال حكم سياسي شيعي يقوم
به الاخوان المسلمون في بلدان الاكثرية السنية ومن خلال حكم ديني شيعي في البلدان
التي لا يتواجد فيها اكثرية سنية.
سوريا
كانت مستثناة من الربيع العربي (الامريكي).
لكن
الربيع العربي اوجد ظروفاً مؤاتية لاطلاق حراك معارض في سوريا وظن الكثيرون ان ما
يجري في دول المنطقة يسري على سوريا. لكن الوضع في سوريا لم يكن يستدعي اي تغيير
من وجهة النظر الامريكية بل ان النموذج السوري بالنسبة لهم هو النموذج الامثل
والاكثر نجاحًا في سياق الهيمنة على المنطقة السنية وعلى شطب السنة من المعادلات
السياسية وانعدام تاثيرهم في الحياة العملية للبلد. اي باختصار شطب الهوية السنية
وترحيل كلمة سني من الذاكرة السنية وتجريم حتى النطق بها.
اي
ان الحراك السوري اتى من خارج سياق مخطط الربيع العربي وكان المطلوب من النظام
السوري قمعه بسرعة وامام عجز النظام السوري عن الحراك وعدم قدرة الدول عن غض النظر
كثيراً عن تطور الامور في سوريا بدأت اعطاء المهل للنظام النصيري، المهلة تلو
المهلة للقضاء على الحراك السني. وعندما تبين عجز النظام السوري عن القضاء على
الثورة قام الامريكيون بتعديل خططهم وادخلوا سوريا ضمن رؤيتهم الشاملة للمنطقة
العربية عبر تمكين الاخوان المسلمين من ركوب الثورة السورية ولجم الحراك السني
مقابل مشاركة رمزية لهم بالسلطة،
وبذلك
بدأ ضخ الاموال لتمكين الاخوان المسلمين والسلفيين من ركوب الثورة السورية وقيادة
الحراك السني وتمكين النظام السوري من استعادة السيطرة على كامل الاراضي السورية
بعد ان يتم اقتطاع جزء منها وإعطائه للاخوان المسلمين.
خريطة
التحالفات في المنطقة العربية ادت الى شطب اهل السنة والجماعة من المعادلات
السياسية وتعرض السنة في سوريا الى عملية تهجير واسعة طالت اكثر من عشرة مليون
انسان وقتل اكثر من مليوني شخص.
المشروع
الامريكي بتسليم المنطقة للاخوان المسلمين تعرض الى انتكاسات كبيرة كان اهمها ما
حدث في مصر عندما انتفض الشعب المصري بمؤازرة الجيش بقيادة المشير السيسي
وبالتحالف مع المملكة السعودية لطرد الاخوان المسلمين من الحكم وتجنيب مصر ويلات
الوقوع تحت هيمنة التحالف الاخواني/الايراني وجدير بالذكر انه منذ اللحظات الاولى
لتولي الاخوان حكم مصر برئاسة محمد مرسي العياط بدأت عملية تمكين الايرانيين من
التغلغل في مصر لوضعها تحت النفوذ الايراني.
تجربة
التنسيقيات ..
خلال
بداية الحراك السني في الداخل الشامي عام 2011 اعطت دروساً يجب الاستفادة منها
وتجنب الاخطاء التي وقعنا فيها.
قبل
15 اذار 2011 كان التحضير للثورة يتم على المستوى الفردي وعبر اقامة شبكة علاقات
محلية بدأت تاخذ شكل التنسيقيات المحلية التي بدات في مرحلة لاحقة بالتوحد عبر
هيئات تنسيقية جامعة. وكان هناك انطباع عام وخاطئ بأن الوضع في سوريا سيكون كما
كان عليه في الدول العربية الاخرى التي شهدت ثورات الربيع العربي.
عندما
قامت الثورة في سورية حصلت على تعاطف كبير على مستوى العالم وحركت وجدان الشعوب
والقائمين على الدول لسبب اساسي ان كل العالم يعرف مدى اجرام النظام وما كان يتعرض
له الشعب السوري من ممارسات وحشية، وانتفاضة السوريين وافقت الحس الانساني عند
شعوب الارض الذين كانوا يشاهدون بام اعينهم رقي وعزيمة وانضباط وانسانية الشباب
السوري بما كان مفخرة للانسانية. والثقة الكبيرة التي حصل عليها الشعب السوري
الثائر او المنتفض هي نتيجة تفاجئ سكان الكرة الارضية ان هناك بشر بهذا الرقي
وبهذه الاريحية، ان هناك شعب يخرج من تحت عقود من الاجرام والتدمير وهو يزخر بالحياة
وبالامل وتتفجر عنده ينابيع العبقرية. لقد اكتشف العالم شعباً لا يحمل حقداً او
عدواةً لاحد وينشد الخير حتى لمن اضطهده واجرم بحقه.
كانت
كرة ثلج التعاطف الانساني مع الشعب السوري الثائر تكبر وتكبر الى ان تمكن
الإخونجية من التسلق على قيادة الحراك السوري.
تسلق
الاخونجية على قيادة الثورة السورية كان له مفعول فوري وحاسم وجعلها تفقد وبفترة
قياسية التعاطف العالمي الشعبي والرسمي معها وتحول هذا التعاطف تدريجياً الى حالة
توجس وعداء.
تمكن
الحركات السلفنجية من استقطاب الشباب السوري في صفوفها ادى الى اعلان حرب عالمية
على الثورة السورية.
اذا
اردنا اختزال ما يمكنه ان يبدو كفشل الحراك السني في سوريا بسبب واحد هو - غياب
الرؤية الموحدة وعدم وجود نخبة سنية اي نخبة ذات ثقافة سنية - في مقابل نخبة
اخوانية ونخب سلفية لها نمط تفكير موحد مكنَها من سلب التمثيل السني وركوب الثورة
السورية وتوجيهها وفق مصالحها وتحالفاتها وارتباطاتها الخارجية. فتنظيمات الاخوان
المسلمين والسلفيين ليسو اكثر من مجموعات ترتبط باجهزة مخابرات اقليمية ودولية.
بعد
مرحلة اولى من المظاهرات السلمية وتصاعد الحشد الشعبي السوري في مواجهة نظام امني
دموي لا يتقن الا لغة واحدة وهي لغة القتل والاجرام، بدأت عمليات الانشقاق عن
الجيش السوري الذي يسيطر عليه العلويون تتابع اضافة الى قيام مجموعات الشباب
السوري بالتسلح للدفاع عن انفسهم وعن احيائهم وبدأ النظام العلوي يفقد السيطرة على
الارض وبدأت قبضته الامنية تتراخى تدريجياً وبشكل متسارع خاصة بعد سقوط حاجز
الخوف.
في
واقع الامر النظام العلوي لم يكن يملك اكثر من خمسة بالمائة من حاجته الفعلية من
القوى الامنية لخوض مواجهة شاملة على مجمل الاراضي السورية. السلاح الاقوى للنظام
العلوي كان الخوف والرعب والتغلغل المخابراتي في كل مفاصل المجتمع.
وكما
الامس كما اليوم فإن الامكانيات الفعلية للنظام العلوي لخوض مواجهة شاملة مع حراك
سني شامل تبقى شبه معدومة. وموازين القوى والتوزع على الارض يضع النظام العلوي في
موقف ضعف شديد.
قبل
الثورة كانت قوة النظام العلوي تتمثل بحاجز الخوف والرعب، اما اليوم فان اكبر قوته
هو حالة الارباك الذي تعاني منه الاكثرية السنية وتشتت صفوفها وحالة تداعيات حالة
الاختراقات الاخونجية والسلفية وتراكمات حالة التسيّب التي نتجت عن تعطيل الآليات
الذاتية لفرز القيادات الثورية من داخل الحراك الثوري نفسه.
على
المستوى الاقليمي تتحمل مسؤولية هذا التعطيل الاموال والسياسات الخليجية وعلى
المستوى الداخلي يتحمل مسؤوليته قادة الحراك الثوري وقادة التنسيقيات التي لم
تتمكن من استباق الامور والذهاب بالسرعة المطلوبة وانتاج قيادة وطنية ذاتية تقود
الحراك الثوري. (قولنا هذا بما يخص التنسيقيات يجب ادراجه ضمن النقد الذاتي).
وجود
الاحتلالات الداعمة للنظام العلوي لا تزيد عملياً من قوته وقدرته على مواجهة حراك
شعبي عسكري شامل. وعلى عكس ما كان عليه الحال عام 2011 فإن موازين القوى هي في
صالح الاكثرية السنية، التي يشكل غيابها من المعادلة خللاً اقليمياً ودولياً ونقطة
ضعف رهيبة في المنظومة الامنية الخاصة بالخليج العربي المسؤول عن كل الخيارات
الخاطئة التي ارهقت الثورة السورية وادت الى ما هو الحال عليه.
لقد
ادى قصور نظر الخليجيين وارتباكهم في مواجهة الهجمة الامريكية بواسطة الاخوان
المسلمين اضافة الى تراكمات المرحلة السابقة التي كان يلعب خلالها النظام السوري دوراً محورياً في السياسات الاقليمية
الى اتخاذ خيارات ارتجالية تحكمها قاعدة واحدة بالنسبة لهم وهي الحفاظ على النظام
العربي والحد من اثار الربيع العربي.
بينما
المنطقة كانت تتجه الى معادلة جديدة قائمة على تغيير الهوية الدينية للمنطقة كما
انه كان على الطاولة الامريكية مشروع تغيير النظام السعودي نفسه وهذا ما اثار
مخاوف السعوديين ودفعهم الى اعادة النظر في خريطة تحالفاتهم الاقليمية والدولية
لحماية انفسهم بدل العمل على القوة الذاتية العربية السنية ودعم الشعب السوري الذي
كان يكفيه القليل من الدعم لافشال المشروع الايراني واقتلاعه نهائياً من الارض
العربية. بل كان يكفي الشعب السوري ان لا تهطل اموال الخليج لدعم الميليشيات
الإخوانجية والسلفية التي اعلنت الحرب على الجيش الحر وعلى فصائل الثورة السورية
ووضعت الثورة السورية بين سندان النظام العلوي ومطرقة الجماعات الاسلامية المدعومة
خليجياً، كما قام الخليجيون بحماية نظام الاسد عبر حماية مناطق حاضنته الطائفية
بواسطة فصائل اخوانية ممولة منهم وحماية دمشق قلب النظام العلوي بواسطة ما كان
يسمى بجيش الاسلام الممول خليجياً ايضاً.
وبعد
القضاء على الجيش الحر وعلى فصائل الثورة السورية، اضافة الى عمليات ملاحقة الثوار
واغتيال قادة الثورة، قامت الفصائل الاخوانية والسلفية بإعادة تسليم المناطق التي
استولت عليها من ايدي الثوار الى النظام العلوي واستلمت مقابل ذلك مكافاتها والتي
هي عبارة عن الكانتونات التي اقتطعت لها في الشمال السوري حيث تمارس اساليب
السيطرة شبيهة بالسيطرة النصيرية وهكذا يمكن اختصار الوضع في سوريا بالمعادلة
التالية :
وقوع
الشعب السوري تحت سيطرة حلف اخواني سلفي نصيري، هذا الحلف يستقوي بالاحتلالات
الاجنبية على انواعها.
حرب
الجيل الرابع
اندلعت
ثورة الحرية والكرامة وبعد ان تيقنت الدول المعنية بالوضع السوري من استمرار
الثورة السورية ومن عجز النظام عن قمعها وايقافها، بدأت هذه الدول بإعطاء المهلة
تلو المهلة للنظام العلوي وكانت هذه المهل عبارة عن تفويض مطلق للنظام العلوي لقمع
الثورة السورية التي انبثقت على حين غرة من حيث لا ينتظرها احد، كما توالت الخطوط
الحمر البهلوانية.
لكن
الثورة كانت تشتد وتتمدد وكانت كالبركان المتفجر الذي حرك مكنون العزة والكرامة في
اهل الشام وهم خير اهل الارض كما حركت مشاعر وعواطف الاحرار في كل مكان من العالم
الذي كان يكتشف مدهوشاً هذا الشعب العظيم الذي يخرج باريحية وبهذه العظمة والرقي
من تحت سنين طويلة من القمع الاجرامي.
امام
عجز النظام العلوي عن قمع الثورة ووأدها، بدأت القوى الاقليمية بتقديم المساعدات
له لتمكينه من احتواء الثورة التي فهم الجميع انه لا يمكن مواجهتها وجهاً لوجه،
لذلك فالاستراتيجية التي اتبعوها للقضاء على الثورة هي اختراقها وتدميرها من
الداخل.
وبعد
عدة اشهر من الصمت ومن الموقف السلبي لقناة الجزيرة دخلت قناة الجزيرة كطرف فاعل
في معادلة احتواء والقضاء على الثورة السورية، عبر تسويق الاخوان المسلمين كقادة
الحراك السوري وتسويق الشكل البشري المقرف غليون كوجه ناعم الملمس حليق الذقن
تتخفى خلفه الوجوه الكالحة والبشعة للاخوان المسلمين. وجدير بالذكر ان غليون هذا
يحمل من الحقد على اهل السنه في سوريا وعلى دينهم ما يفوق ما يحمله النظام النصيري
نفسه.
كما
بدأت التنظيمات السلفية بارسال انصارها من المشوهين نفسياً الى سوريا عبر بعض دول
الجوار التي كانت تمارس لعبة مزدوجة، فمن ناحية كانت تتشدق بتأييدها للشعب السوري
وفي نفس الوقت تقايض تسهيلات عبور وتجميع العناصر الاجرامية السلفية من اراضيها
لمشاركة النظام العلوي في حربه على الشعب السوري.
من
المؤسف القول وهذا يحز في قلب كل مسلم ان اختراق الثورة السورية تم باسم الاسلام
وتحت شعار نصرة المسلمين في سوريا وفي موازاة حملة تشكيك بايمان السوريين
وباخلاقيات الشباب السوري واتهامه بالبعد عن الدين وكل ذلك الخطاب التكفيري
والتفسيقي والتشكيكي الذي يتقنه الاخوان المسلمون والسلفيون.
وقد
لاقت حملة التشكيك الاخوانية والسلفية صدىً واسعاً لدى الشعب المسلم السوري،
وانطلت الخدعة على الكثير من الشباب السني الذين بدؤوا بالانضمام الى التنظيمات
الاسلامية التي كانت تتمتع بامكانيات مادية هائلة (خليجية) وبتغطية اعلامية واسعة
ومحبوكة وقد بلغ التغرير بالشباب السني حداً كارثياً لدرجة انهم وبدون مسائلة
كانوا ادوات التنظيمات الاسلامية في حربها على الثورة السورية وعلى شباب التنسيقات
والجيش الحر ليقوموا نيابةً عن النظام النصيري بالانتقام من شباب الثورة ومن ثم ليقوموا
بقتل بعضهم البعض لان الاسلاميين من سلفيين واخوان (عليهم اللعنة) كانوا قد قاموا
بانشاء العديد من التنظيمات المتقاتلة بينها بهدف استنزاف الطاقات السنية المغرر
بها في تقاتل هذه التنظيمات مع بعضها البعض.
لقد
نجح مخطط تدمير الثورة السورية عبر مخطط تجنيد الشباب السني السوري في التنظيمات
الاسلامية للحرب على الثورة السورية ولتدمير نفسه بنفسه تحت شعار الاسلام.
اسلوب
الحرب على الثورة السورية لم يكن تقليدياً وهذا الاسلوب هو جيل جديد من الحروب
التي تقوم على تدمير قوة الخصم بامكانيته او على جعل الخصم يدمر نفسه بنفسه ويقوم
هذا النوع من الحروب على الاعلام وعلى صناعة وعي مزيف للعدو المراد تدميره، وهذا
النجاح يحسب وبجدارة لقناة الجزيرة.
اذاً
هزيمة الثورة السورية هو نتيجة لسبب واحد هو انعدام الوعي السياسي الذي يفترض
بالانسان ان يأخذ بعين الاعتبار الامور على حقيقتها ويكتشف هويته ولا ينخدع
بالعناوين البراقة والخداعة ويأخذ اموره بيده وبالامكانيات الذاتية المتوفرة لديه.
الثورة
مستمرة، الجولة الاولى
العدو
الاول للشعب السوري هو اليأس، وعلى هذا اليأس يراهن كل اعداء الشعب السوري.
فبعد
حاجز الخوف الذي نجح بإقامته المجرم حافظ الاسد، يجري العمل على اقامة جدار اخر
يحل محله : جدار اليأس.
بالرغم
من صعوبة بل استحالة ان يتسرب اليأس الى قلوب السوريين، لانه وبكل بساطة لا يوجد
اي سبب يدعو الى اليأس، السنة السوريون
يواجهون اوضاعاً صعباً ناتجة عن حرب الابادة والتهجير التي شنها الشيعة ضدهم، لكن
اوضاعهم اقل سوءاً من اوضاع الفلسطينيين بعد تهجيرهم عام 1948 واقل سوءاً من اوضاع
المسلمين بعد نفيهم الى شِعب بني هاشم، والمجتمع السوري زاخر بالطاقات والخبرات
والنوابغ في جميع المجالات، وهو شعب مفعم بالحياة وسليل قوم لهم تاريخ عريق وباع
طويل في اقامة الامبراطوريات واخرها واعظمها دولة الشام الاموية.
والشام
هي بيضة الاسلام، وهم بشهادة الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم خير اهل الارض وهم
اهل النخوة ولا ينامون على الضيم.
الشامي
هو مثل المؤمن الذي لا يلدغ من جحر مرتين.
وبالرغم
من كل المظاهر، فان الشام في عقل وقلب كل مسلم من مسلمي شعوب الجوار، وهم اهل
الشام ايضاً تخفق قلوبهم مع قلوب شوام الداخل على نفس النغمة وتربط بين نفوسهم
العروة الوثقى التي لا انفصام لها، وترتع مشاعرهم في رحاب الانتماء الواحد.
النصر
صبر ساعة، ويمتد امد هذه الساعة ما امتد امد الابتلاء الرباني.
فكله
خير والخير فيما اراده الله.
لقد
نجحوا في انقاذ نظام الاسد لكن نظامه جثة هامدة والحفاظ على هذا النظام ذو تكلفة
باهظة.
لقد
نجحوا في استعمال الاخوان المسلمين والسلفيين في ضرب الثورة وقاموا بمكافأة
الاخوان والسلفيين باعطائهم امارات في الشمال السوري يرتعون فيها. لكن هذه
الكيانات ليست باقوى من الكيان العلوي وبالامكان الانقلاب عليه وتفكيكه خاصة وان
الامارات الاسلامية (سلفية واخوانية) التي اقامها النظام الاقليمي بالتوافق مع
النظام العلوي ترتكز على هيكلية مؤلفة من افراد لهم ارتباطاتهم المخابراتية وخاصة
تلك التي تربطهم مع النظام العلوي ويمكن تفكيك هذه الهيكلية بسهولة حين اندلاع
الجولة الثانية.
كان
المشروع الشيعي الايراني يتقدم بصمت ويهيمن على دول المنطقة بسهولة ويكسب كل يوم
شرائح جديدة من الشعوب السنية، لقد فشلت العصابات الشيعية المدججة بالسلاح وذات
التدريب العالي في مواجهة الفصائل السورية التي لا تملك الا تسليحاً خفيفاً وتعيش
حالة اختراق كما اسلفناه سابقاً، وكان على الايرانيون ارسال المزيد والمزيد من
الوحوش البشرية الشيعية التي كانت تتحرك تحت غطاء طيران الشيطان الاكبر وعندما ثبت
عجز وهلامية الانسان الشيعي امام الانسان السني السوري، حيث ان ارسال الجحافل
الشيعية المدججة بالسلاح امام المجموعات السنية ذات التسليح الخفيف كمن يرسل جموع
الجرذان امام عرين السباع او تحت تحليق النسور والعقبان، فان اكبر اذى يصيب السبع
السني من الجرذ الشيعي هو منظره المقرف ورائحته النتنة.
لذلك
اضطرت المنظومة الدولية، عقب الفشل الشيعي، الطلب الى روسيا التدخل على الارض
بجيوشها بغطاء دولي واقليمي، وبموجب ترتيبات توافقية مع دول الجوار يتم بموجبها
تسليمهم المناطق السنية الموجودة خارج الكونتنات الشمالية المتفق عليها.
وبالفعل
قام السلفيون والاخونجية بتسليم مناطق سيطرتهم التي حررها الجيش الحر وفصائل
الثورة السورية الى النظام النصيري والقوات الروسية بعد مسرحيات قتالية وبطولات
زائفة للتمويه على عملية التسليم، وقد ذهب ضحية التصدي المسرحي للهجمات الروسية
قتلى وجرحى من الاهالي السنة كما تم الحاق اكبر تدمير ممكن للابنية والمرافق
العمرانية لان الهدف النهائي للحلف الروسي الشيعي هو التغيير الديمغرافي.
اليوم
يوجد اكثر من عشر ملايين سني خارج السيطرة النصيرية في الداخل وفي دول اللجوء ولا
شيء يمنع السوريون من تنظيم انفسهم وادارة اماكن تواجدهم فلربما شروط الحياة في
مخيمات اللجوء اليوم هي افضل مما كانت عليه شروط العيش تحت نظام اسد في كثير من
المناطق السورية.
الجولة
الاولى : الانجازات
الجولة
الثانية ليست احتمال بل حتمية بإذن الله، لقد قذفنا النظام المجرم بقبضاتنا الحية
وصدورنا العارية فقذفنا العالم بكل ما عنده وجند لحرب الثورة السورية كل ما اختزنه
من قرون ونجح في الابقاء على بشار الاسد طرطوراً في قصر المهاجرين.
ماذا
حققت الجولة الاولى :
الثمن
كان باهظاً ودمائنا سالت انهارا وتناثرت اشلائنا على الربوع والحيطان ترسم على كل
بقعة من ارض الشام اثراً قانياً، فمن يطأ ارض الشام بعد اليوم فهو يمشي على دم
شهيد او على دمعة اسى وقهر.
لكننا
ونحن اهل الايمان نحتسب ما اصابنا عند الله.
النظام
السوري هو اخر واعظم حلقة تم صناعتها في منظومة إبليس, وهي الزرد الاخير في
السلسلة التي احكمها ابليس على طوق بني ادم.
صناعة
النظام النصيري اتت لتتوج مشروعاً يستمر منذ مئتي عام. منذ اختلاق كاهن معبد ابليس
الشيعي الايراني الذي تسمى بجمال الدين الافغاني وهو الاول في سلسلة خبيثة أبتدأت
به واستمرت برشيد رضا وحسن البنا وسيد قطب وكل افراخ واساطين التشيع السياسي
وارباب التنكر للارث وللحضارة السنية.
ثم
عصر الانسلاخ الذي سميّ زورا بعصر النهضة الذي صنع للامة وعياً مزيفاً.
ثم
جاء صناعة دين تيمي جديد قائم على التثليث وعلى التكفير.
ثم
صناعة احزاب علمانية قومية تعلن العداء للمكون السني لتكون المطية لحكم الاقليات
وبرضا وقبول اهل السنة انفسهم.
ثم
انشاء انظمة عربية من مخلفات صبيانها واتباعها هدفها منع البلاد العربية من التطور
والتقدم.
وكل
ذلك يترافق مع استراتيجية بعيدة المدى لنشر التشيّع في المنطقة وللقضاء نهائياً
على الاسلام وشطب العرب من خريطة شعوب العالم.
هذا
تسلسل مختصر، تخلله حروبا عسكرية لتصحيح الخلل في الترتيب الذي اعدوه للمنطقة كغزو
لبنان عام 1982 من اجل سحق المكون السني وتسليمه للشيعة وغزو العراق عام 2003 لسحق
المكون السني وتسليم العراق للشيعة وايران.
دون
ان ننسى تهجير الفلسطينيين عامي 1948 و1967.
الركيزة
الاساسية للمشروع المعادي للعرب كان النظام السوري. بعد ثورة 2011 اصبح هذا النظام
خردة.
منذ
عام 2011، استنزف النظام العالمي كل ادواته التي امضى مئتي عام ببنائها وحرق كل
اوراقه :
استنزف
ورقة الاخوان المسلمين وبذلك خسر النظام المهيمن ذخيرته الاستراتيجية في حربه على
المنطقة العربية.
استنزف
ورقة التنظيمات السلفية التي نشأت في أحضان الاجهزة الاستخباراتية وبذلك خسر قوته
الضاربة.
تجميع
القوات الشيعية من الدول المجاورة وزجها في معركة انقاذ النظام العلوي كشف المخطط
الشيعي السبئي امام كل العرب والمسلمين وادى ذلك الى حرمان المشروع الشيعي من اكبر
قوة له وهي التقية.
الثورة
السورية : الانطلاقة
قبل
٢٠١١ كان ظروف قيام حراك سوري ضد النظام شبه معدومة إن لم تكن معدومة بالكامل.
انعدام
امكانية الحراك بالنسبة للشعب السوري الذي كان يتغول عليه اكثر من عشرين جهاز
مخابرات ويفتقد الى استقلالية فكرية حيث ان افكار البعث والاشتراكية والقومية
العربية كانت مهيمنة على عقول الناس ونفوسهم ولم يكن هناك من حيّز ممكن الا
للافكار الاسلامية التي كانت تتمتع بقليل من غض نظر من قبل النظام العلوي لان هذه
الافكار الاسلامية كانت ولم تزل رديفة للمنظومة الفكرية للنظام العلوي بشكل خاص
وللمشروع الشيعي بشكل عام. لذلك فان كل اقانيم التجنيد للحركات السلفية كانت تدار
من قبل اجهزة الاستخبارات السورية والتي كانت تتبادل مع اجهزة المخابرات العالمية
لوائح العناصر الاسلامية من اخوان مسلمين وسلفيين، اي ان كل فرد ينتسب في اي مكان
من الارض الى تنظيم سلفي او اخونجي كانت بياناته تذهب الى قاعدة البيانات الخاصة
باجهزة المخابرات. كما وان هناك سجل خاص بكل الاموال التي كانت تذهب لتمويل نشاطات
الاسلاميين افراداً او جمعيات او احزاب او منظمات. وجدير بالذكر ان اجهزة
المخابرات السورية كانت تقوم بسجن وبالتحقيق ومقابل بدل مالي لحساب استخبارات
دولية.
يعني
باختصار عندما ينتسب اي شخص انتهازي او مغرر به الى هيئة سلفية او اخونجية في اي
بقعة في العالم كانت بياناته تذهب مباشرة الى قاعدة البينات الدولية الخاصة
بالارهابيين.
الاسلاميين
كانوا اليد الضاربة للنظام العلوي واحتياطه
الاستراتيجي
الخفي وهذا ما ظهر جلياً عندما قامت التنظميات الاسلامية الاخونجية والسلفية
بالدفاع عن النظام العلوي ومحاربة الثورة السورية ولها الفضل الاكبر والاسهام
الاعظم في حماية النظام العلوي، فاضافة الى الكتائب الاسلامية المقاتلة والتي كانت
تتعقب الجيش الحر وفصائل الثورة وتطردهم من الاراضي التي حرروها من النظام كان
هناك جيش سلفي بقيادة علوش لحماية قلب نظام الاسد في دمشق وكتائب اخونجية بقيادة
حسون لحماية المناطق العلوية في الساحل.
انعدام
امكانية الحراك بالنسبة للوضع الاقليمي لان سطوة النظام العلوي كانت تتعدى سوريا
الى دول المنطقة مما يجعل الشعب السوري محاصر في الداخل وفي الخارج.
اذاً
عام ٢٠١١ امكانية اي حراك كانت معدومة مع افق مستقبلي ينذر بالاسوء في ظل هجمة
شيعية سبئية مدعومة من المنظومة الدولية التي بدأت منذ عام ٢٠٠٧.
افتتح
خطاب اوباما في القاهرة عملية تغيير هوية المنطقة من الطابع السني الى الطابع
الشيعي وكان الامريكيون قد مهدوا لذلك مسبقاً بغزو العراق عام ٢٠٠٣ وتسليمه للشيعة
وايران ولم يكن هناك من حاجز فعلي ضد الهجمة الاميركية لتشييع المنطقة الا النظام
السعودي حيث ان الخطط كانت سائرة على قدم وساق لقلب نظام الحكم في السعودية
والاتيان بنظام اخونجي، ولولا ان تنبه السعوديون لذلك قبل فوات الاوان لكانت حفلات
اللطم وطقوس لعن ابو بكر وعمر على قدم وساق في الحرمين الشريفين. وعندما نتكلم عن
افشال المخطط الامريكي/الاخونجي يجب ان نتذكر دائما جيش مصر العظيم (خير جند
الارض) الذي اثبت ان ولائه لمصر ولامته اكبر من اي ارتباط اخر والذي قام تحت قيادة
عبد الفتاح السيسي بمساندة الحراك الشعبي المصري في ٣٠ يونيو ٢٠١٣ وتم انقاذ مصر
من الحرب الاهلية.
سوريا
كانت مستثناة من الربيع وهذا ما عبر عنه بشار في وقتها عندما اكد بضحكته البلهاء
ان وضع سوريا مختلف لانه كان يعلم ان نهاية التغيير في المنطقة سيجعل النظام
العلوي السوري سيد المنظومة الاقليمية الجديدة وانه كان يستعد لذلك فعائلته مرشحة
للحكم وفق التصور الجديد لمدة الف عام والشعار الذي كان يردده الشبيحة الاسد الى
الابد لم ياتي من فراغ انما كان هدفاً مرسوماً قيد التنفيذ.
لقد
كان امام الطليعة السورية المعادلة الآتية :
-
هناك ثغرة في المخطط الامريكي الذي تم وضعه موضع التنفيذ،
-
سوريا مستثناة من هذا الربيع بل ان النظام العلوي مرشحاً لدور قيادي اكبر على
مستوى العالم العربي.
-
عدم جهوزية الشعب السوري لاي حراك.
يوم
١٥ اذار عام ٢٠١١ انطلقت الثروة السورية المباركة.
الثورة
مستمرة
الثورة
هي حالة تغيير شاملة.
انتصار
الثورة يتأكد عندما تنتفي كل الاسباب التي ادت الى اندلاعها.
الثورة
قامت ضد حكم بيت الاسد وبيت الاسد هو واجهة الطائفة العلوية والطائفة العلوية هي
جزء اساسي من منظومة الهيمنة الاقليمية على المشرق العربي.
ومنظومة
الهيمنة الاقليمية التي ترتكز على حكم الاقليات هي جزء من المنظومة الدولية
المهيمنة.
اذاً
المواجهة مع نظام الاسد الاقلوي العلوي هي في واقع الامر مواجهة مع المنظومة
الدولية التي اوجدت هذا النظام.
لقد
تم الرهان على ان تقوم المنظومة المهيمنة باجراء بعض التعديلات في منظومة هيمنتها
الاقليمية في الشرق العربي ولكنها رفضت قطعاً القبول بأي تغيير في وضعية النظام
السوري وكان التمسك بالنظام السوري وبشخص بشار الاسد غير قابل لأي اعادة اعتبار
مهما كلف الثمن.
بالنسبة
للمنظومة المهيمنة فإن شخص ونظام بشار هو ركيزة المنظومة الاقليمية وهو مرشح للعب
دور اكبر في الهيمنة على المنطقة العربية بكاملها وان يستمر بدور كلب الحراسة
المفوض بضبط التوازن الاقليمي بما يخدم المنظومة الدولية واتجاه ايران لضبط حجم
تدخلها في المنطقة العربية ضمن الدور المرسوم لها كبعبع.
منذ
ان بدأت الثورة السورية المباركة تؤكد وجودها واستمرارها وتجاوزها قدرة النظام
العلوي على قمعها ناهيك عن ايقافها، بدأت عملية الهروب الى الامام ومساعدة نظام
بشار على الوقوف بوجه الثورة، عبر اختراق الحراك السوري بواسطة التنظميات
الاسلامية وعبر تمكين الاخوان المسلمين من التسلق على الثورة وقيادتها.
الهروب
الى الامام للحفاظ على نظام اسد كان قائم على حسابات خاطئة بما يتعلق بفهم طبيعة
الحراك السوري وبما يتعلق بالثمن الذي ستضطر المنظومة الدولية المهيمنة الى دفعه.
المحصلة
النهائية لعملية الحفاظ على نظام اسد كجزء اساسي للسيطرة على المنطقة العربية هو
ان هذا النظام الذي كان قبل الثورة القوة الضاربة عسكرياً وسياسياً ومخابراتياً
اصبح نظاماً هشاً لا يمكن ترميمه وكلفة الحفاظ عليه اكبر من كلفة القائه في مزبلة
او دفنه.
نظام
اسد الذي :
دمر
المقاومة الفلسطينية.
دمر
الحركة الوطنية اللبنانية وقضى على الدولة اللبنانية.
امن
الغطاء العربي والدعم اللوجيستي العسكري لغزو العراق وتدميره.
احتضن
ورعى الثورة الخمينية ودرب اجهزتها العسكرية المخابراتية.
كان
يحتضن ويدرب ويمول معظم الحركات الارهابية في العالم.
كان
يبتز دول الخليج مالياً وسياسياً.
هذا
النظام اصبح عبأً على اصحابه كالكلب الهرم ويستحيل ترميمه.
لقد
حققت الثورة السورية المباركة هدفها بتدمير نظام اسد.
نجاح
الثورة السورية لا يقتصر على اضعاف نظام الاجرام العلوي ذاتياً انما تدمير كل
المنظومة التي تحتضنه وتعطيه القوة وتغذيه وجعلت منه عبأً على مشغليه وجعلت من
المستحيل ترميمه او اعادة تأهليه.
يستحيل
ترميم نظام اسد بدون اعادة بناء المنظومة المهيمنة التي احتضنته وجعلت منه هذا
الوحش الكاسر ذو القوة المفرطة.
كما
يستحيل اعادة بناء المنظومة المهيمنة لان
هذه المنظومة تم بنائها على مدى عدة عقود في ظروف تاريخية معينة يستحيل اعادتها.
الثورة
مستمرة حتى الانتصار وستعود دمشق عاصمة المجد العربي السني ومركزاً للدورة
الحضارية القادمة.
الثورة
مستمرة في تهيئة شروط الانتصار الذي يجب
ان يكون انتصاراً، فكرياً وحضارياً وسياسياً.