"الوطنية" هي الملاذ الأخير لكل نذل" هذه العبارة الشهيرة اطلقها الكاتب والاديب الانجليزي صموئيل جونسون الذي عاش في القرن الثامن عشر .
«على امتداد أرض العرب لاتوجد دولة كي يطالبنا السفهاء بالحفاظ على مؤسساتها، إلاّ اذا اعتبرتم فرع فلسطين ملكاً للشعب فتطالبوننا ان نحرسه ونحميه من الدمار».
كلما قرأت لهؤلاء الادعياء استذكر نعم هم انذال تلبسوا رداء الوطنية الزائفة مهمتهم اطلاق اوصاف جميلة لتزيين كل قبيح عبر تسطيح العقول وتشويه الوعي، فالدعارة لا تقتصر على ان تؤجر المومس فرجها لعابري السبيل بل الاقذر من ذلك مانسمعه على لسان القطيع من تيوس المثقفين والمنظرين وهم يبررون نذالتهم في الدفاع عن الحكام ضد اي ثورة بالعزف على وتر الحفاظ على الدولة ومؤسساتها وهؤلاء الغجر يعرفون تماما ان في ارض العرب لاتوجد دول ولا مؤسسات بل ان الدول المزعومة هي عبارة عن محميات طبيعية لا أكثر ولا أقل، فبينما يشير معنى الدولة الى اعتبارها مجموعة مؤسسات تحفظ للناس حقوقهم وتضمن كرامتهم وسيادتهم فان الدولة عندنا هي عبارة عن جهاز قمعي أُضفيت عليه الصفة القانونية كي يخدم مصالح الأطراف الأكثر تمتعا بالمزايا والقوة والثراء فتحولت الارض الى اقطاعية للحاكم وحاشيته وشبيحته، ثم يأتي دور قطيع المثقفين لإضفاء صفة القدسية على الحاكم حتى جعلوه اقرب الى تمثيل دور الاله "جانوس" عند الرومان الذي كان يحضى بقدسية خاصة واستثنائية لكسبِ الحروبِ ضد العدو الخارجي ، ولفضائله في معاقبة اي مواطن تسول له نفسه الخروج على اوامره باعتبار ان ذلك الفعل يعرض وجود روما للخطر، وهكذا عند هؤلاء القطيع فان الخروج على الحاكم انما هو مؤامرة تعرض الامة للخطر والوطن للتقسيم ..
ومن هنا صرت على قناعة تامة تتلخص في انه ليس من مصلحتنا اليوم ان نحافظ على تلك الدول لانها اصلا وجدت لتنظيم استعبادنا وجيوشها اصلا وجدت لتحمي الحاكم وبطانته، بل وكثير من جيوش العرب عبارة عن شرطة حدود لحماية أمن اسرائيل وقمع الشعب بحجة الدفاع عن الشرعية رغم انه لايوجد في عالم العرب اي حاكم يمتلك الشرعية سواء بمفهومها الليبرالي الذي يشير الى وصول الحاكم عبر صندوق الاقتراع والنزاهة، ولايمتلكون الشرعية بالمفهوم الاسلامي الذي يقوم على الشورى وموقف اهل الحل والعقد ، فعندما تكون الدولة عنوان استلاب وتقننين العبودية فان وظيفتنا الاولى هي تحطيمها وليس الدفاع عن مؤسساتها ...
الدولة ببساطة متناهية هي محمية ذات اسوار عالية يجمعون فيها الشعب باعتباره قطيع ومن هنا يصبح تحطيم تلك الاسوار اولى الخطوات لنستعيد انسانيتنا ...
اقول الى سقط المتاع شبيحة القلم الرخيص من اهل الشعارات الوطنية :
لو كان الوطن أهم من الدين والعرض لما هاجر الرسول وترك مكة، ولما هاجر سيدنا ابراهيم الخليل وعاش غربته، أقول هذا الكلام لبعض الاراذل من سقط المتاع الذين يقدمون الوطن على الدين والشرف والكرامة، فالوطن ليس كومة حجر نقدسها، بل هو نتاج تفاعل الانسان مع الارض والمناخ والتضاريس والجغرافيا والاحياء ليصنع تاريخه وتقاليده وقيمه ومفرداته اللغوية، فليس التراب اهم من الشرف وليس الحجر أهم من الدين والناموس، فالوطن ليس بقعة الارض التي تعيش عليها بل انه الحنين الى قيم الفضيلة التي تستوطن الروح وتتحكم في سلوك الفرد وعلاقته مع الجماعة، اما عندما تصبح الجماعة عنوانا للرذيلة فعند ذاك يكون واجبا اخلاقيا على المرء الخروج على الجماعة ولو كان الوطن اهم من الشرف لما امر الله تعالى لوط ان يخرج من القرية التي عمّ فيها الفسوق.. فهل تمارون على الله ايها المتفلسفون..!!
#منقول هشام بن الحكم