طبعا هو يعلم أن أهل العراق لن تختار إلا أحد ولديه لذلك شدد على الحسين أن لا يتقدم على الحسن (ابنه الأكبر). وتسلم الحسن حملا ثقيلا، فهو كان (عكس أخيه) معارضا لسياسة أبيه في استخدام العنف وفي قتال المسلمين. وعتابه له معروف.
حاول حشد أكبر ما يستطيع من جيش للاستعراض ثم خرج لمواجهة معاوية الذي أيضا حشد جيشا هائلا. وهدف الطرفين ليس القتال وإنما كان التفاوض للحصول على أفضل الشروط التي تضمن استدامة هذا الصلح بحيث لا يشعر أي طرف بالإهانة. وهذا ما تم، وإليكم تمام نص شروط الصلح من صحيح البخاري (مع الشرح بكلامي بين قوسين):
استقبل والله الحسن بن علي معاوية بكتائب أمثال الجبال، فقال عمرو بن العاص: إني لأرى كتائب لا تولي حتى تقتل أقرانها (يعني كل كتيبة ستبيد الأخرى)
، فقال له معاوية وكان والله خير الرجلين: أي عمرو إن قتل هؤلاء هؤلاء، وهؤلاء هؤلاء من لي بأمور الناس من لي بنسائهم من لي بضيعتهم
فبعث إليه رجلين من قريش من بني عبد شمس: عبد الرحمن بن سمرة، وعبد الله بن عامر بن كريز، فقال: اذهبا إلى هذا الرجل، فاعرضا عليه (الصلح)، وقولا له: واطلبا إليه (شروطه)،
فأتياه، فدخلا عليه فتكلما، وقالا له: فطلبا إليه،
فقال لهما الحسن بن علي: إنا بنو عبد المطلب، قد أصبنا من هذا المال (يعني اعتدنا على صرف الأموال الكثيرة على رعايانا)، وإن هذه الأمة قد عاثت في دمائها (يعني هناك عشرات الآلاف من القتلى فلا يكفون عن ذلك إلا بالصفح عما مضى منهم والتألف بالمال)
قالا: فإنه يعرض عليك كذا وكذا (يعني مبلغ من المال)، ويطلب إليك ويسألك (البيعة)
قال: فمن لي بهذا (الضمان)،
قالا: نحن لك به، فما سألهما شيئا إلا قالا: نحن لك به، فصالحه.
هذا هو الحسن الذي قال عنه ﷺ «إن ابني هذا سيد ولعل الله أن يصلح به بين فئتين عظيمتين من المسلمين». فدل ذلك الحديث الصحيح على أن الصلح خير من القتال، وأنا ما فعله الحسن من التسليم لمعاوية خير مما فعله أباه علي من القتال.
كتبه فضيلة الشيخ الدكتور وسام العظمة