من أول وهلة تجدها قصة مكذوبة مهترئة لا يصدقها من في رأسه مثال ذرة من عقل أو فكر.
في البداية: الرواية لم تذكر بسند معروف صحيح مطلقا في أي كتاب.
بالرغم من ذلك، حتى لو كانت مكذوبة وترفع من شجاعة علي دون الحط والتنقيص من شجعان الصحابة كالفاروق والزبير وطلحة وعثمان وسعدون عبادة و سعد بن أبي وقاص وأبو عبيدة وووو لقلنا لا بأس.
قبل أن أثبت كذب هذه القصة:
أريدك أن تعرف أن بحثنا في هذا المنشور ليس هدفه شخصية الصحابي علي بن أبي طالب ولكن منشوري هنا عن عمرو بن ود وهل أصلا حدث نزال فعلا؟ وهل هو أصلا شخصية حقيقية؟ أم شخصية وهمية أريد بها الرفع من شخصية علي والحط من الصحابة الأبطال؟؟
أولا:
القصة وردت بأكثر من شكل وتفصيل وكل من ذكرها في كتبه نقلها عن محمد بن إسحاق، في كتابه (المغازي)، أو بالأحرى عن ابن هشام في كتابه السيرة النبوية والذي بدوره نقلها عن ابن إسحاق، وابن إسحاق اشتهر بالمراسيل. والأدهى من ذلك أن أصل كتاب محمد بن اسحق أصلا مفقود، لك أن تتخيل وكل الروايات مصدرها واحد.
تعال معي:
سأورد لك القصة باختصار أولاً لكي نناقش كذبها وافتراءها. وسأذكر لك الروايات بالتفصيل في نهاية المنشور لترى كيف وردت من مصادر متنوعة، وستعرف بنفسك كيف أنها رواية مكذوبة ومخترعة وأنه لا يوجد شخص اسمه عمرو ابن ود العامري.
القصة باختصار:
أن هناك رجلا قد هزم أبا بكر وعمر في اليومين السابقين، ثم أخترق الخندق خمسة من فرسان قريش بقيادة عمرو ابن ود العامري، فطلب المبارزة فلم يتجرأ أحد لمبارزته إلا علي.
حتى طلب علي مبارزته فقال له النبيﷺ إنه عمرو، فيرد علي فليكن عمرو. ويكمل الراوي كذبه فيقول أن علي يقتلع باب خيبر بيد واحدة، ولا ندري أي باب خلعه لأن هناك أكثر من بوابة، وبالأحرى أنه لم تكن هناك معركة أصلا، فقد استسلم جيش الكفار دون حرب. وفوق هذا يبدو الفاروق عمر مشغولا فقط بالنهب والسلب ويطلب من علي أن يسلب الدرع الذي يلبسه عمرو بن ود.
_________
تعال معي:
ذكرت أكثر من مصدر وكلها تعود لنفس المصدر وكل مرة تقرأ القصة بصيغة مختلفة وكأنك تتكلم عن وقائع مختلفة، (وكما يقال الكذاب نسى الكذبة اللتي كذبها أول مرة) لذلك لم يثبت على قول واحد.
_________
الآن نتكلم عن هذه الرواية المهترئة:
1- لك أن تتخيل: الرواية لم تذكر بسند معروف صحيح مطلقا في أي كتاب.
2- القصة الخرافية مروية عن ابن اسحق بسند مرسل ومعضل أي سقط منها راوٍ أو أكثر كما قال نقاد ومحققي الحديث كالحافظ الذهبي والخطيب البغدادي ومحمد بن طاهر القيسراني والألباني وغيرهم.
3- القصة ليس لها ورود في كتب الحديث المعتبرة، لذا لا يعتد بها، فهي رواية ضعيفة، لا تثبت.
4- تخيل معي جميع الصفات اللتي تم وصف عمرو بن ود والمبالغ فيها في الشجاعة والفروسية واللتي منها:
- وصف بأنه يعدل ألف فارس.
- وأنه لا يبارى، وأن الفرسان تخشى مبارزته.
- وأن النساء في الجاهلية كانت تخوف الأطفال بذكر اسمه، وأنه فارس وادي ياليل (وهو وادي الصفراء قرب بدر) لمواجهته فرسان بني بكر وحده ومنعهم من الوصول إليه ووووووو الخ.
مالذي تفهم من كل هذه الصفات وغيرها؟
يوحي لنا الراوي أن علياً بارز أعتى وأقوى فرسان العرب، الفارس الذي يرتعد منه الجميع ولا يتجرأ أحد الاقتراب منه أو منازلته إلّا علي. (وأوأَكد هنا أن منشوري ليس للإساءة لشخص الصحابي علي (ر)).
كوراث القصة الخرافية:
- لو سلّمنا جدلاً صحة الرواية: فإن سن علي يوم المبارزة في غزوة الخندق هو مابين 27– 30 سنة وهو عمر الفتوة والقوة والعنفوان.
أمّا "البطل الرهيب المرعب عمرو بن عبد ود الذي لا يُبارى في الجاهلية!" فكان عمرة يوم ذاك 80 سنة (في أقل تقدير)، وهناك من يقول أنه بلغ ال100 أو أكثر.
فهل تُحسن المقارنة هنا في مبارزة شاب في عنفوان شبابه وقوته، مع كهلٍ هرمٍ عجوز تجاوز الثمانين!؟
الصاعقة:
- أن عمرو بن عبد ود هذا الذي يقال أنه يعدل ألفًا، قد شارك في معركة بدر يوم أن كان شابّاً (ركز معي)، ولم يغن عن قريش شيئاً بمشاركته تلك، مع قلة عدد المسلمين آنذاك. بل على العكس من ذلك، فهو لم يستطع الدفاع عن نفسه ولا حمايتها، فأصيب بجراحات خطيرة لازمته فترة طويلة، أقعدته عن المشاركة في معركة أحد التي حدثت بعد عام كامل من موقعة بدر.
والصاعقة الكبرى:
تقول الروايات أنه كان شابا في بدر ولو فقط تفكر بعقلك (بدر كانت في 2 هجرية).
ثم تقول الرواية المكذوبة كان في غزوة الخندق طاعنا في السن 80 أو يقارب ال100, (والخندق كانت في 5 هجرية ).
المضحك أن واضع الرواية كذب فنسي:
في بدر كان شابا 2 هجرية وأصبح عجوزا في 5 هجرية. كأن لديه آلة زمن انتقل من الشباب إلى الشيخوخة دون المرور ببقية الفترات العمرية. مضحك.
صاعقة:
تقول الرواية المكذوبة أن عمرو ابن ود قال لعلي: هل لديك أحد من أعمامك ينازلني؟
وهو أصلا - أي عمرو - قادما من مكة ويعلم أن جميع أعمام علي قد ماتوا ما عدا العباس الذي هو أصلا كان مع المشركين في جيش عمرو ابن ود، وأن العباس كلن كافرا حينها و أسلم في فتح مكة أو قبيلها بأشهر في السنة 8 هجرية.
فيا للسخرية كيف انطلت علينا هذه القصة دون حتى أن نشغل عقولنا ولو 1% .
العجيب في الأمر:
- أن عمرو بن ود لم يكن شخصية ذات شهرة.
- ولم تَذكر كتب التاريخ المعتمدة وكتب السير والمغازي شيئاً عنه.
- ولم تُذكر له صولات وجولات في معركة بدر ولا في غيرها.
الصاعقة:
أنه لم يذكر إلا في هذه القصة المخترعة وخروجه في غزوة الخندق.
____
أيها العاقل القارىء... قلت العاقل قبل القارىء لأنني أخاطب عقلك:
سؤال:
لماذا المبالغة في التعاطي مع هذه الشخصية؟
لماذا صوروه لنا بأنه "طاغية العرب الأكبر" ؟
رغم أن الواقع التأريخي يقول أن هناك من الطغاة المشركين، من كان قتله أعظم من قتل عمرو، كأبي جهل بن هشام وأُمية بن خلف وعقبة بن أبي معيط، والنضر بن الحارث، وعتبة وشيبة بني ربيعة وغيرهم. أولئك الطغاة الذين سخروا من النبي وكذبوه وءاذوه، وءاذوا أصحابه أشد الأذى. ومنهم من نزل فيه قرآن كريم بالذم والوعيد. ولم يكن عمرو لا من الذين ءآذوا ولا ممن نزل في ذمهم قرءآن.
_____
ملاحظة:
- رواية المستدرك تقول أنه "ثالث ثلاثة من قادة قريش"، وهذا من التدليس والكذب الواضح.
يقول الدكتور محمد علي، وسأقتبس من كلامه بتصرف:
- فعلى المستوى السياسي والسيادي: فإن صناديد قريش وساتها معروفون في وقتها لأن كثيرا من منهم أسلم، وقد استفاضت كتب التأريخ والسير بذكرهم: كأبي جهل، وأبي لهب، وأبي سفيان، وعكرمة بن أبي جهل، و عتبة وشيبة ابني أبي ربيعة، والنضر بن الحارث، وأمية بن خلف، وعقبة بن أبى معيط، والوليد بن عتبة، وصفوان بن أمية.... وبعضهم ماتوا على الكفر وبعضهم منّ الله عليهم بالهداية فيما بعد فاسلموا. وليس لعمرو ذكر بين هؤلاء جميعا وهم عتاة وسادة قريش ورؤس الكفر، فكيف يكون الثالث؟
-أما على مستوى الفروسية والقيادة العسكرية:
فلم يعرف لعمرو دور بارز في معركة بدر التي جرح فيها. ولم يعرف له تقدم وقيادة في ساحات القتال. لاقيادة فرسان، ولا فصيل، ولا سرية، ولا أي تشكيل عسكري. إلا ما ورد في الرواية المكذوبة اللتي نناقشها من عبوره الخندق مع آخرين. وكل ذلك لا يؤهله لأن يكون ثالث قريش.
____________
دعونا نسلم جدلا:
علي في شبابه يقتل رجل بلغ من العمى 100 أو 80, هل هذه فروسية وشجاعة؟ وهل هذا نزال عادل؟
فهيهات: فاليد الصلبة التي كانت تحمل السيف في شبابه إن كان فعلا ذلك الوحش المخيف، لم تعد اليوم ذاتها في كهولته. فعامل الزمن يلين الحديد.
________
المصيبة أن هذه الرواية تحمل كثيرا من:
الإساءة للنبي الأكرم ولفرسان الصحابة:
- الرواية تشير إلى أنّ الرسول وأصحابه يلزمون الصمت ولا يردون على تحدي عمرو البالغ من العمر 80 سنة!
- بل إن الرسول يهاب عمرو فيقول لعلي: (إجلس إنه عمرو!) وهي عبارة توحي أن الخطر عظيم ماحق.
- فهل "خانته (صلى الله عليه وسلم) الشجاعة" هو الآخر(معاذ الله) في أن يتصدى بنفسه لهذا الخطر؟
- أم أن علياً كان أشجع منه حين يجيب " وَإِنْ كَانَ عَمْرًا"؟.
- أليس علي (رضي الله عنه) هو الذي يقول: (كُنَّا إِذَا احْمَرَّ الْبَأْسُ وَلَقِيَ الْقَوْمُ الْقَوْمَ اتَّقَيْنَا بِرَسُولِ اللهِ صَلى الله عَليه وسَلم ، فَمَا يَكُونُ مِنَّا أَحَدٌ أَدْنَى إِلَى الْقَوْمِ مِنْهُ).؟؟
- وهل هناك من هو أشجع من الحبيب المصطفى (صلى الله عليه وسلم) والذي كان يصول حين يدلهم الخطب وينفرد بالمواجهة مع العدو ويحتد الهجوم وهو يردد: "أنا النبي لا كذب".
- إنه لأمر غريب ومريب توجيه الطعن للصحابة، والحط من قدرهم، بالزعم أنهم خافوا وخنسوا وجبنوا ولم يجيبوا نداء عمرو وتحديه!.
- والسؤال هنا هو: كيف يعقل أن يُعرِضوا عن مجابه المتحدي وهو بهذا العمر المتهالك؟.
إلّا إذا كانوا منهزمين نفسيًا!؟.
ولكن، ألم يكونوا على الدوام خط الصد والدفاع عن حرمات الله ورسوله ودينه، تجاه الشرك والوثنية؟.
- وما موقعة بدر واُحد والمشاهد الأخرى، وحفرهم الخندق وثباتهم في مواقعهم في ظرفهم الحالك ذاك، إلا دليل واضح على البطولة والشجاعة وصدق العزيمة.
قال تعالى: {وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزَابَ قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلَّا إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا} الأحزاب ﴿ 22 ﴾. فهل هؤلاء يهابون ثمانيني هرِم!؟.
- لا يمكن فهم هذا الخذلان والخوف المزعوم لأن الذين عبرو الخندق هم أربعة فرسان فقط ، أحدهم عمرو حسل الرواية المزعومة، وبعبورهم يكون قد انقطع ظهيرهم وسندهم من المشركين، فأصبحوا صيدا سهلاً للمسلمين ولقمة سائغة، فقد جاءوا إلى حتفهم في ساحة المسلمين المسورة بالخندق.
فكيف يهاب المسلمون بضعة نفر؟؟؟؟؟ كيييييف!!
- ثُمَّ هل يظن الراوي أن فئة المسلمين قد تقوقعت عند رسول الله، يسمعون تحدي عمرو، دون جواب، أم أنهم توزعوا للحراسة والرصد خلف الخندق على امتداده كامنين متحصنين خلف ساتره الترابي للتصدي لأي محاولة اختراق من جانب المشركين؟!!
- هنالك ازدواجية متنافرة غير مفهومة.
فبمقابل شجاعة علي -ولاشك أنه كان جنديا باسلا- تأتي القصة للطعن في عمر بن الخطاب الفاروق الذي أسلم جهرا أمام صناديد قريش، ووصمه بالطمع (حاشاه وفداه أبي وأمي).
- تزعم القصة أن عمر أشجع شباب قريش كان خائفا وعندما انتصر علي لم يهنئ عمر عليا على انتصاره وعودته سالما، ولا حمد الله على قطع دابر رأس من رؤوس الشرك والوثنية، ولا بإنتصار التوحيد على الشرك. وإنما همه الشاغل هو قضية السلب والغنائم، وطمعه فى الدرع الذي يلبسه عمرو والذي "ليس للعرب درعا خيرا منها". فهو يسأل عن ذلك فقط!.
السؤال الكارثي:
ركز معي:
لماذا اختار واضع الرواية شخص عمر بالذات لهذا الموقف؟ لكي يحط من قدره؟
هل للأمر دلالة ما؟.
ثمَّ أليس من الغريب حشر لفظ "العرب" هنا؟.
ما الذي تتميز به هذه الدرع عن كل الدروع عند العرب؟. أم هل ياترى كما يقول الدكتور (محمد علي في تفنيد الرواية): إن واضع الحديث شعوبي فارسي لا يحب العرب، أو ذا ميول فارسية، فأراد الغمز في العرب في أنهم لا يحسنون صناعة الدروع!، مثلما أنهم لا يحسنون مبارزة الشجعان، باستثناء علي؟!.
- وأخيرا من أعجب الأمور حوار النبي (صلى الله عليه وسلم) مع علي، فيقول النبي لعلي: (إجلس إنه عمرو!) وكأن النبي حريص على الشاب المدلل، من أن يتعرض للخطر في سبيل الله!.
أليس هو، الذي لايهاب ميادين الشهادة؟
أليس هو الجندي البارز من جنود نصرة هذا الدين؟
ألا يضحي ويجود بنفسه ذبّاً عن الرسول والإسلام؟. فلماذا يخاف عليه النبي ويمنعه؟!.
هل يحميه عن الأذى والمخاطر، محاباةً له لأنه من أقاربه !؟. حاشا لله.
ثمّ أليست عبارة (إجلس إنه عمرو!) هي غمز وطعن في الرسول. في أنه لايبالي بدماء الآخرين دون علي؟
فإن كان الأمر على هذا الحال، فلا مناص من إلتماس العذر للآخرين ، وحجتهم ستكون قوية، في أن يقولوا لنبيهم -وحاشاهم ان يخطر ذلك على أذهانهم- : لماذا نعرّض أنفسنا للخطر، وابن عمك في أمان بجانبك تمنعه من المشاركة؟!.
ءاخر صاعقة:
لو أنك لاحظت:
- عمرو يستصغر سن علي فيقول له: (من أعمامك من هو أسنّ منك) بمعنى ليتقدم أحد أعمامك للمبارزة بدلاً عنك.
وهذا من أعجب الأمور التي تدل على زيف الرواية.
- فلم يكن قد بقي لعلي من الأعمام ألأحياء في زمن معركة الخندق سنة 5 هجرية، سوى العباس بن عبد المطلب. والعباس كان مقيما مع المشركين في مكة، ولم يهاجر إلى المدينة، ويعلن إسلامه، ويلتحق بالمسلمين إلا في فتح مكة سنة 8 هجرية.
الخلاصة:
يجب أن نقرأ تراثنا جيدا ونفكر قليلا بعقولنا وليس بعاطفتنا.
ولتعلم أخي القارىء أن هناك كوراث وخرافات في التراث المتعلق ببني هاشم اللتي كان الهدف منها رفعهم فوق بقية الأسر ولكن في الحقيقة وضعت منهم، فهم أسرة طبيعية منها الصالح والطالح والنبي الأكرم نبي للعالم وليس لأسرة.
فالله يقول (محمد رسول الله والذين معه أشداء...الخ) وليس وأسرته معه .. ويقول (كنتم خير أمة )وليس كان بنو هاشم خير أمة.
_______
الروايات من المصادر المختلفة كما وعدتك:
بإيجاز:
المصدر الأول:
في سيرة ابن هشام:
عن ابن اسحاق: ثُمَّ تَيَمَّمُوا مَكَانًا مِنَ الْخَنْدَقِ ضَيِّقًا (أي فُرسان من معسكر المشركين)، فَضَرَبُوا خُيُولَهُمْ فَاقْتَحَمُت منه ، فَجَالَتْ بهم في السَبْخَةٍ بَيْنَ الْخَنْدَقِ وَسَلْعٍ، وَخَرَجَ عَلِيٌّ فِي نَفَرٍ مَعَهُ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، حَتَّى أَخَذَ عَلَيْهِمُ الثَّغْرَةَ الَّتِي مِنْهَا اقْتَحَموا بخيلهم ، وأَقْبَلَتِ الْفرسان تُعْنِقُ (أي تسرع) نَحْوَهُمْ، وَكَانَ عَمْرُو بْنُ عَبْدِ وُدٍّ قد قاتل يوم بدر (ركز معي في بدر في 2 هجرية) حتى أثبتته جراحه، فلم يشهد يوم احد (ركز في 3 هجرية)، فَلَمَّا كَانَ يوم الْخَنْدَقُ ( ركز معي- 5 هجرية)خَرَجَ مُعْلَمًا (أي جعل لنفسه علامةً وشعارا يعرف بهما). لِيُرَى مَكانهُ فَلَمَّا وَقَفَ هُوَ وَخَيْلُهُ.
قال: من يبارز؟ فبرز له علي بن أبي طالب فقال له: ياعمرو إنك كنت قد عاهدت الله ألا يدعوك رجل من قريش إِلَى إحدى خَلَّتَيْنِ إلا أخذتها منه.
قال له : أَجَلْ .
قال له علي: فإني أَدْعُوكَ إِلَى الله وَإِلَى رَسُولِهِ وإلى الْإِسْلَامِ.
قال عمرو: لَا حَاجَةَ لِي فِي ذَلِكَ.
قَالَ علي: فَإِنِّي أَدْعُوكَ إِلَى النزال.
فقال له عمرو: لم يَا بن أخي؟ فو الله مَا أُحِبُّ أَنْ أَقْتُلَكَ، فَقَالَ له عَلِيٌّ: لَكِنِّي وَاللهِ أُحِبُّ أَنْ أَقْتُلَكَ.
فَحَمِيَ عَمْرٌو عند ذلك، فَاقْتَحَمَ عَنْ فَرَسِهِ، فَعَقَرَهُ،وضرب وجهه، ثُمَّ أَقْبَلَ على عَلِيٍّ فَتَنَازَلَا، وَتَجَاوَلَا، فَقَتَلَهُ عَلِيٌّ، وَخَرَجَتْ خَيْلُهُمْ مُنْهَزِمَةً ، حَتَّى اقْتَحَمَتْ من الْخَنْدَقِ هاربة.
{السيرة النبوية لابن هشام (3: 176) ، ونقلها كذلك ابن كثير في البداية والنهاية 4: 105} .
___________
المصدر الثاني:
في كتاب المستدرك للحاكم (مرتع الرافضة) :
عن ابن إسحاق قال : كان عمرو بن عبد ود ثالث قريش (أي ثالث القادة) يوم الخندق.
وقال : من يبارز ؟
فقام عَلِيٌّ وهو مقنع في الحديد ، فقال : أنا له يا نبي الله.
فقال النبيﷺ : إنه عمرو بن عبد ود إجلس. (تخيل معي الوضع النبي يبدو أنه مسترهب وخائف من عمرو حاشا لله) .
فنادى عمرو: ألا رجل ؟
" فأذن له رسول الله ﷺ " فمشى إليه علي رضي الله عنه.
فقال له عمرو : من أنت؟
قال: أنا علي قال: ابن من؟
قال : ابن عبد مناف، أنا علي بن أبي طالب. (لك أن تتخيل مرة يقول ابن عبد مناف ومرة ابنوعبدالمطلب- لغة ركيكة لا تصدر إلا من فارسي).
فقال له عمرو: عندك يا ابن أخي من أعمامك من هو أسن منك فانصرف فإني أكره أن أهريق دمك. (يبدو أن عمرو نسي أن جميع أعمام علي قد ماتوا ما عدا العباس الذي كان في حينها كافرا في جيش عمرو- مثير للسخرية)
فقال علي: لكني والله ما أكره أن أهريق دمك.
فغضب عمرو، فنزل فسل سيفه كأنه شعلة نار، ثم أقبل نحو علي مغضبا واستقبله علي بدرقته فضربه عمرو في الدرقة فقدها، وأثبت فيها السيف وأصاب رأسه فشجه ، وضربه علي رضي الله عنه على حبل العاتق ، فسقط وثار العجاج ، فسمع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم التكبير ، فعرف أن عليا قتله.
ثم أقبل علي رضي الله عنه نحو رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ووجهه يتهلل.
فقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه : هلا أسلبته درعه فليس للعرب درعا خيرا منها (لك أن تتخيل أن عمر ابن الخطاب أشجع فرسان مكة كان خائف ولم يكن همه إلا نهب الدرع) يا للشفقة لكاتب هذه الأحجية.
نكمل: فقال علي لعمر: ضربته فاتقاني بسوءته واستحييت ابن عمي أن أستلبه وخرجت خيله منهزمة حتى أقتحمت من الخندق. (تخيل معي: عمر الفاروق كان خائفا من ابن ود و كل همه الدرع حتى لو ظهرت سوءة عمرو بن ود، وعلي يثبت شجاعته بقتله لإبن ود وأيضا أكثر أخلاقا من أمير المؤمنين ابن الخطاب)
{المستدرك على الصحيحين للحاكم ألنيسابوري الحديث رقم: 4388 ج3 ص 37}.
___________
المصدر الثالث:
في دلائل النبوة:
وذَكَرَ الْحَافِظُ الْبَيْهَقِيُّ تَفصيلات اُخرى: قَالَ: خَرَجَ عَمْرُو بْنُ عَبْدِ وُدٍّ وَهُوَ مُقَنَّعٌ بِالْحَدِيدِ فَنَادَى: مَنْ يُبَارِزُ؟ فَقَامَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ فَقَالَ: أَنَا لَهَا يَا نَبِيَّ اللَّهِ. فَقَالَ إِنَّهُ عَمْرٌو، اجْلِسْ.
ثُمَّ نَادَى عَمْرٌو: أَلَا رَجُلٌ يَبْرُزُ؟ فَجَعَلَ يُؤَنِّبُهُمْ وَيَقُولُ: أَيْنَ جَنَّتُكُمُ الَّتِي تَزْعُمُونَ أَنَّهُ مَنْ قُتِلَ مِنْكُمْ دَخَلَهَا أَفَلَا تُبْرِزُونَ إِلَيَّ رَجُلًا؟ فَقَامَ عَلِيٌّ فَقَالَ: أَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ فَقَالَ: اجْلِسْ.
ثُمَّ نَادَى الثَّالِثَةَ،: فَقَامَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنَا.
فَقَالَ: إِنَّهُ عَمْرٌو، فَقَالَ: وَإِنْ كَانَ عَمْرًا. (تخيل النبي خائف من عمرو وعلي أشجع من النبي- الذي قال وروى أنه عندما كان يشتد القتال كنا نتقي برسول الله، أي يختبىء خلف النبي)
فَأَذِنَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَمَشَى إِلَيْهِ، (الى آخر الرواية كما في المستدرك)
وَأَنَّ عَلِيًّا طَعَنَهُ فِي تَرْقُوَتِهِ، حَتَّى أَخْرَجَهَا مِنْ مَرَاقِّهِ، فَمَاتَ فِي الْخَنْدَقِ، وَبَعَثَ الْمُشْرِكُونَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَشْتَرُونَ جِيفَتَهُ بِعَشَرَةِ آلَافٍ، فَقَالَ هُوَ لَكُمْ لَا نَأْكُلُ ثَمَنَ الْمَوْتَى. {دَلَائِلِ النُّبُوَّةِ للبيهقي ج3 ص438}.
___________
المصدر الرابع:
في مناقب آل ابي طالب لإبن شهرآشوب :
وذكر ابن شهرآشوب: لمَّا أَدْرَكَ عَمْرَو بْنَ عَبْدَ وُدٍّ لَمْ يَضْرِبْهُ فَوَقَعُوا فِي عَلِيٍّ ( أي أنكر بعض الصحابة توقفه عن قتل المشرك) فَرَدَّ عَنْهُ حُذَيْفَةُ فَقَالَ النَّبِيُّ (صلى الله عليه وسلم) مَهْ يَا حُذَيْفَةُ، فَإِنَّ عَلِيّاً سَيَذْكُرُ سَبَبَ وَقْفَتِهِ، ثُمَّ إِنَّهُ ضَرَبَهُ.
فَلَمَّا جَاءَ سَأَلَهُ النَّبِيُّ عَنْ ذَلِكَ، قَالَ: قَدْ كَانَ شَتَمَ أُمِّي وَ تَفَلَ فِي وَجْهِي فَخَشِيتُ أَنْ أَضْرِبَهُ لِحَظِّ نَفْسِي، فَتَرَكْتُهُ حَتَّى سَكَنَ مَا بِي، ثُمَّ قَتَلْتُهُ فِي اللَّهِ.
{مناقب آل ابي طالب لإبن شهرآشوب ج2 ص115}.
___________
أقول لك في نهاية المنشور:
عمرو بن ود شخصية خرافية تم صناعتها للرفع من شجاعة علي والحط من قيمة الصحابة الأبطال.
من مصادر مختلفة كتفنيد نزال الخندق للدكتور محمد علي- وكذلك على مقام الصبا للكاتب م.غ.
للنشر والمشاركة كما ورد لتصحيح الوعي وتنقيح تأريخنا المفترى عليه. أنصح بمشاركة المنشور وليس بنسخه لكي تظهر التعديلات والإضافات.