البعض يقول أن كل أزمات العقل العربي أو المسلم سببها ترجيح المنقول على المعقول وتقديس النص على حساب التدبر العقلي ومن هنا يقولون أن العقل العربي الإسلامي تحول الى عقل تراثي مؤدلج ، ويخضع لسلطة النص وعقل اقصائي لا يقبل الرأي الآخر ، حتى ذهب البعض بعيداً فسماهم كهنة النص ..!!
يرى البعض أن التخلف الحضاري العربي هو نتيجة طبيعية لأنها أمة تراثية تقدم النص على العقل أمة تعيش في الماضي على مستوى تفكيرها .
هذا يدفعنا للتعمق بدراسة الثوابت والمتغيرات في النص بغض النظر ان كان قرأناً أو حديثاً وكلاهما وحي من الله لكن القرآن قطعي الثبوت فيه محكمات ومتشابهات أي بعضه ظني الدلالة والحديث ظني الثبوت فيه قطعي وظني .
كان القرآن هو المرجع الأساسي للأمة وكانت تعليمات الرسول ص هي الواجبة باعتباره المفسر والمبين للقرآن بعدها وخشية ذهاب العلم تم جمع القرآن وتدوين الحديث ومن ثم ظهر الخلاف وهنا ظهر كبار العلماء وأهل الحديث لكتابة الوحي الغير متلو أي الحديث باعتباره وحي من الله لأن الرسول ص كان مأموراً بتبيين الكتاب للأمة وهذا ما نسميه بالتراث النبوي.
ومن أجل ألا يفسر القرآن كلٌ على هواه اعتمد العلماء ضوابط لفهم القرآن ومنها الاهتمام بالحديث واعتباره المبين للكتاب وهنا عمدوا الى علم الجرح والتعديل لمعرفة الرواة وصدقهم وكما قالوا : " لولا الاسناد لقال من شاء ما شاء " ..
ما قاله بعض الفقهاء مثلاً : يقول الامامي الاوزاعي " السنة جاءت قاضية على الكتاب " وكما قال أبو الحسن في شرح السنة " اعلم أن الإسلام هو السنة وان السنة هي الإسلام " ثم قال " ولا يقوم أحدهما الا بالآخر " ..
هنا البعض لم يفهم قول الفقهاء معتبرينهم أنهم رفعوا مقام السنة على الكتاب وهذا لا يقوله الا جاهل فهؤلاء فقهاء الامة أفقه من أن يقولوا هذا ....!!
الثوابت والمتغيرات :
الحل الذي يخرجنا من عنق الزجاجة هو دراسة متعمقة للثوابت والمتغيرات في اسلامنا وهي قاعدة عظيمة لا يفقهها الا الراسخون بالعلم ومثالها بر الوالدين وما جاء بالقرآن " وقضى ربك ألا تعبدوا الا إياه وبالوالدين احساناً " بر الوالدين وعدم نهرهما من المحكمات والقطعيات والثوابت . لكن المتغيرات في النص هنا هي القياس في عقوق الوالدين على النص مثلاً لو قال الرجل الضرب لم يرد بالقرآن نقول أن القياس يقتضي أن ضرب الوالدين هو أعظم ذنباً من النهر وقول أفٍ ...وهكذا مثلاً حرم الله الخمر وعلتها معروفة فتحريمها ثابت قطعي وجاء في حديث عمر " الخمر ما خامر العقل " هنا نجد أن اذهاب العقل من المحرمات الثابتة والمتغير فيها الأسماء مثلاً في قرننا ظهرت المخدرات فهل يجوز تناولها لأنها لم تذكر في القرآن هنا نقول انها من المتغيرات التي لها قواعد وأصول ثابتة في شريعتنا وتقاس عليها وهكذا ..!!
هذا بحث كبير لا يفقهه الا العلماء الراسخون في العلم ولا يحق لكل من هب ودب أن يقول في دين الله بغير علم وهذا لا يعني أن الأمة تعاني من جمود على النص بل تعاني من جهل في ماضيها وحاضرها ولا شك هناك فقهاء جمدوا على النص ونحن لسنا منهم ولا معهم ونحن مع النقل ومع العقل وأنا عني شخصياً أقول لكم :
من خلال تعمقي ودراستي للأصول والقرآن والحديث وجدت أننا لم نحقق مما أمرنا الله به من الاستخلاف ولا نقطة في بحر ولو أننا حققنا ما أمرنا به لكنا اليوم نتجول بين المجرات .
ديننا يأمر باعمال الفكر والعقل وألا نخلط بين الثوابت والمتغيرات ولا نرفض النص لمجرد مخالفته لقصر عقولنا .
من منكم يمنعني من الصعود الى السماء لو أن لي قوة أتمكن بها من اكتشاف طاقة البرق أو البراق لنقل الاجسام ملايين الأميال بطرفة عين ما قصرت في بحث هذا العلم وهو موجود لكن لم يستطع البشر الى اليوم كشفه والله يأمرنا أن نتطور ونتقدم في العلوم الى ما لا نهاية .
هذا بحث كبير ومشكلتكم لا تقرأون اختصرته وبينته حتى لا يقول أحد نحن كهنة تراث ونصوص بحث كبير سيكون من أهم مباحثنا في رسائل النهوض .
هؤلاء من سموهم قرآنيون رفضوا الحديث ظناً منهم أنه السبب في تخلف فهم النص القرآني والحقيقة أن التخلف كان بسبب الجهل وتقديس النقل على العقل عند البعض غير آبهين بالثوابت والمتغيرات .
كتبه الأخ السني الأموي الفاضل الزميل المحترم الدكتور عبد السلام طالب
(باحث في الفكر السياسي والإسلامي ورئيس مجموعة الألماس)
#المنظومة_الفكرية_السنية من أجل ثقافة #سنية خالية من #التشيع