إثبات خرافة نوم علي (ر) على فراش النبي (ﷺ) يوم الهجرة

 

اقرأ بعقلك دون تعصب!!..
أسطورة مهترئة مكذوبة كوفية، من أول وهلة تدرك أن الهدف منها إخراج أبي بكر وأهله من شرف تجهيز أعظم رحلة غيرت موازين الأمبراطوريات بل موازين تأريخ العالم بأسره.
القصة الحقيقية: وفقا للمحدث العبقري البخاري: (5807)
يذهب النبي نهاراً (ليس ليلا) متقنعاً، إلى بيت أبي بكر، يشكل أبو بكر فريق عمل، تجهز الراحلتان أسماء وعائشة وتعدان سفرة طعام في جراب عبد الله بن أبي بكر، وكان غلاما ثقفاً لقناً، يُرسل للتجسس على كفار قريش ويأتي النبي بالأخبار. يغادر النبي وصاحبه أبو بكر مساءً(من بيت أبي بكر) إلى غار ثور ويمكثان ثلاث ليال. قريباً منهما يمشي عامر بن فهيرة مولى أبي بكر، بأغنامه جيئة وذهاباً(بأمر من أبي بكر). ينجح النبي وصاحبه في الفرار، ثم في التخفي.
لا مكان لعلى في هذه القصة ولم يحتاجه النبي أو يستعن به أبو بكر مطلقا، فالفريق الذي شكله أبو بكر من أبناله وخدمه قد قام بالمهمة. وهذا لا يحط من قدر علي على الإطلاق فكل صحابي قد رفعه الله بصحبته للنبي ولكن لا يجب تجريد الصديق وأهله من هذا الفضل الذي ورد في أصح الكتب.
من القصة في البخاري:
1- يتضح أيضاً أن النبي كان قد ترك منزله نهاراً، ولم يعد إليه.
2- هذا السيناريو، كما يذكره البخاري، ينسف قصة مبيت علي من جذورها أو حتى معرفة علي بخطة النبي وتخطيط أبي بكر للرحلة برمتها.
الآن نسرد لكم القصة المكذوبة:
في المقابل:
القصة المكذوبة اللتي نسجها الكوفي قصة تبني حواراً ليلياً بين النبي وعلي في منزل النبي (ﷺ) وأن أبا بكر لا يعلم شيء وهو مجرد دخيل على الهجرة.
لك أن تتخيل سياق القصة الكوفية المكذوبة: بينما القرشيون كامنون بالقرب من المنزل. يلبس علي ثياب النبي، ينام في مكانه، فيخرج النبي والقوم في مكانهم قد أغشي على عيونهم، وما إن تطلع الشمس حتى يأتي أبو بكر - الذي لا يعرف شيئاً - ليسأل عن النبي فيجد السر كله في معية علي .
يا للعجب:
تم تكذيب القصة الصحيحة في البخاري وأيضا تم سلب أبي بكر الصديق وأهله فضل التجهيز لأعظم ليلة في تأريخ الإسلام وإمبراطورية المسلمين وسلب فضل صحبته للنبي من أول التخطيط وأنه لم يكن يعلم بشيء وأن من أخبره هو علي.
قصة الهجرة في صحيح البخاري تبدو قصة مكتملة دون الحاجة لعلي.
ولكن في الرواية المكذوبة اللتي نسجها الكوفي الكذاب وكعادته حين يدخل الحكاية عليا فلا بد أن يخرج منها آخر وهو الصديق، هنا يغادرها أبو بكر ويصير شخصاً هامشياً، أما أسرته التي شكلت فريق الهجرة فستفقد مكانها بالكامل. ذلك أن الذهاب إلى بيت أبي بكر سيجعلنا نرى فتاة صغيرة السن تجهز المؤنة للنبي وصاحبه، وليست مصادفة أن اسمها سيكون عائشة، وأن شقيقتها هي أسماء. وأسماء ستصبح زوجة الزبير بن العوام، أبرز صحابي رفض بيعة علي.
الخلاصة: لا يمكن قبول التناقض (لا بد أن تكون رواية البخاري صحيحة أو رواية أبي بلج الكوفي صحيحة) و لا يمكن للرجلين أن يكونا داخل القصة نفسها: علي وأبي بكر. كما لا يمكن دمج القصتين في حكاية واحدة، يتعذر الأمر عملياً ومنطقيا وفقا للروايتين.
إما أن النبي كان في منزل أبي بكر، وخرجا معاً، كما هي قصة البخاري، أو أنه كان في منزله، وهناك حَلَّ عليٌ مكانه، ثم غادر إلى مكان لا يعرفه أبو بكر، وتلك هي قصة المنام الشهيرة عن أبي بلج الكوفي الكذاب.
فمن نصدق البخاري أم أبا بلج الكوفي المشهور بكذبه؟
المفاجأة الكبرى: لیست مصادفة أيضاً، أن يكون الخبر المشهور بين العوام برمته كوفيا، خرج إلى النور في الأرض التي أسماها الإمام مالك "أرض الضرب" (أي تضرب الأحاديث ويكذب على النبي فيها)، هناك حيث يدخل الحديث شبراً ويخرج ذراعاً، كما يقول الزهري.
إن خبرا مدوياً كهذا ما كان له أن يصبح خبرا عاديا حيث أن الأمر ليس كذلك، فهى قصة مركبة يراد لها أن تجرد أبا بكر وعائشة من شرف الحضور في تلك الساعة الهامة، وتخرجهما عن السياق من جهة وأن يكون الشرف فقط لعلي لخدمة أهداف السبئية، (وهو بريء لا ناقة له ولا جمل) فلم يكن له سطوة على من كانوا تحته وكان يدعوا عليهم ليلا نهارا أن يريحه الله منهم ويريحهم منه (أقصد الكوفيين جيشه).
السؤال هو: لماذا تم إخراج أبي بكر وأهله من هذه الحادثة وهو مجهزها ومرتبها وإدخال علي الذي لم يكن يعلم شيء عن الهجرة؟
الجواب: لأن الأهمية التاريخية الفارقة لتلك الرحلة تضع كل شخوصها وأفعالهم في مركز التاريخ.
- خلد القرءان ذكر أبي بكر رفيق النبي وخليله.
- هكذا عرفنا اسم راعي الغنم عامر بن فهيرة.
- سيصير نطاق أسماء بنت أبي بكر إلى بطل في التاريخ.
- سنعرف أن الفتاة الصغيرة حينها عائشة كانت تجهز المؤنة من طعام وزاد.
- سمعنا لأول مرة باسم صعلوك( فقير متتبع للأثر قبل الإسلام) يقال له سراقة وأصبح صحابيا أكرمه عمر بن الخطاب بتاج كسرى وأساوره.
المشكلة الكبرى أن الحدث في القرءان يشير إلى أبي بكر حين يتحدث عن الرحلة تلك، كما في سورة التوبة.
سيجد الكوفيون (الوضاعون) أنفسهم في ورطة، فتلك الليلة الأكثر إثارة في تاريخ دولة الإسلام، فيجب أن يحطوا من قدر الصديق أبي بكر، ولكن يجب أن يلصقونها بأحد الرموز لكي لا ينفضح أمرهم، فلم يجدوا سوى عليا وهو منهم بريء.
أين وردت القصة المكذوبة؟
في مسند أحمد (مسند وليس صحيح أحمد) عن طريق أبي بلج، تجد عليا نائماً على فراش النبي، الوقت صباحاً، المشركون أمام الباب، ويقتحم أبو بكر المنزل فيرى رجلاً غير النبي يسأله عن رسول الله فيجيبه علي " انطلق نحو بئر ميمون فأدركه".
حشد من المحدثين وأصحاب السير يذكرون هذا الخبر: أحمد، الطبراني، النسائي الحاكم، ابن عساكر، الطحاوي، وغيرهم. كثيرون من ناقلي الخبر، وجلهم من القرن الثالث الهجري (أكرر الثالث الهجري).
قف هنا قليلا وركز جيدا: كل اللذين ذكرتهم نقلوا عن أحمد بن حنبل، وجميعهم يصلون إلى المصدر نفسه: (أبو بلج الكوفي) الوضاااااع، نعم الذي يروي مناكير.
والمضحك في الأمر: يمضي أبو بكر في طريقه إلى بئر ميمون، وبدلاً من أن يتعقبه القرشيون لمعرفة مكان النبي ذهبوا يعلنون عن جائزة لمن سيدلهم على المكان. مضى أبو بكر في نهار مكة، أمام كل البشر، حتى بلغ بئر ميمون. لم يفكر أحد من قريش بتتبعه. يا لهم من سذج، مثيرين للشفقة.
إذن! الهدف من رواية هذه القصة المكذوبة للحديث أن السبئية يحاولون تصفية الشرف الذي حصل عليه أبو بكر في سورة التوبة، ويجعلونه دخيل على الرحلة، لا يعلم عنها شيئاً، وسيلتحق هو بالنبي دون طلب منه، تطوّعاً وفضولاً. بهذا الشكل اتسع مكان علي داخل تلك الحكاية (كما قلت يستخدمونه كشماعة وهو بريء)، صار عليٌ بطلاً رغماً عن سورة التوبة، وخرجت عائشة وأختها وسائر آل أبي بكر.
وكذلك تم إخراج عائشة من شرف الإسهام في إنجاح أخطر ليلة في تاريخ العرب المسلمين كانت ضربة ناجحة من الكوفيين (الشيعة). كانت عائشة صغيرة السن آنذاك.
والهدف الآخر من هذه القصة هو الغلو وتقديس عبقرية علي في طفولته، ليبق علي الطفل المعجزة الوحيد. ما من أطفال عرب آخرين قد خدموا الدين سواه، هكذا يريدون لكي تخرج عائشة من الفضل. فيريدون لنا أن نعتقد أن رسول الله هاجر من داره وليس من دار أبي بكر، ولنضرب برواية البخاري عرض الحائط ونأخذ رواية الكوفي الوضاع للحديث (تخيل)، فهي لا تخدم الخطاب السياسي الشعبوي الرافضي ولا تغذي الخيال الفقير للمتشيعين السنة.
السؤال الكبير:
من هو أبو بلج الكوفي هذا الذي جاء بقصة المنام الشهيرة؟
الإجابة: إنه كوفي، ولا يحتاج المرء إلى مزيد من الكلمات بعد ذلك. غير أننا سنتوسع قليلاً لأهمية ما نحن بصدده.
فمن المثير أن كل مجد لعلي عرفه الكوفيون وجهله أهل المدينة التي عاش فيها عليٌ ما يزيد عن أربعة عقود من العمر جاء عن طريق هذا الكوفي (يا للسخرية مضحك جدا هذا الكوفي يعرف أشياء عن علي لم يعلمها أهل الحجاز الذين عاش بينهم علي).
أقوال العلماء في أبي بلج وفي خرافة نوم علي :
1- يقول ابن حبّان عن أبي بلج الكوفي في كتاب المجروحين من المحدثين": في متن حديثه ألفاظ منكرة، بل باطلة لمنافرتها ما في الصحيح.
2- كان الجوزجاني الأكثر صرامة في تقييمه للرجل
وقال عنه: غير ثقة.
3- قال ابن تيمية في منهاج السنة: فيه ألفاظ هي كذب على رسول الله.
4- رويت في كتب السير
وغيرها وليس لها إسناد قائم, أي صحيح.
5- قصة تأخر خروج أبي بكر إلى رسول الله في الهجرة مخالفة لما ثبت في البخاري من أنهما خرجا معا من بيت أبي بكر
6- أخرج القصة عبدالرزاق (متشيع لا يقبل حديثه إذا انفرد به) وأحمد وابن جرير الطبري والطبراني في معجمه الكبير وغيرهم من حديث عثمان الجزري، وعثمان الجزري
7- قال فيه أحمد: روى أحاديث مناكير (مكذوبة) زعموا أنه ذهب كتابه (أي ضاع).
8- قال شعيب الأرنؤوط : إسناده ضعيف، أبو بلج لا يؤخذ حديثه إذا انفرد به وقد انفرد بهذا الحديث وهو كوفي، أي وضاع للحديث.
9- كان البخاري مجايلاً لابن حنبل، عاشا معاً في القرن الثالث الهجري، وسمعا الحديث معاً. لماذا تجاهل البخاري خبر منام علي في فراش النبي؟
ذلك أن أبو بلج الكوفي يقول فيه البخاري: فيه نظر، بحسب كلمات البخاري يقول مقبل الوادعي المحدث الشهير وهي من أردأ عبارات التجريح عند البخاري (أي غير ثقة).
10- موقف البخاري هو موقف شيخه ابن معين الذي ضعف أبا بلج، كما عند ابن عبد البر: (فيه نظر).
11- سيتجاهله الإمام مسلم أيضاً.
الصدمة:
ستخسر تلك الحكاية الشرف الذي تطمح إليه: تجاهلها الشيخان البخاري ومسلم، أي لم يريا فيها من معقولية أو مصداقية تجعلها قابلة لأن تُروى.
ليست قصة تتعلق بحدث عاد، بل بتفصيلة خطرة في أهم ليلة في حياة الإسلام، ورغم ذلك فإن الشيخين أهملاها كلياً.
12- ابن حنبل نفسه يقول عن أبي بلج : يروي مناكير.
الكارثة الكبرى أنه عُرف عن أبي بلج الكوفي أنه روى أحاديث منكرة في فضل علي.
ابن حنبل نفسه نقل حكاية المنام في المسند، وعنه نقل كتاب السير يبرر ابن حنبل موقفه العام في مسألة الرواية: "إذا روينا عن رسول الله في الحلال والحرام والسنن والأحكام تشددنا في الأسانيد، وإذا روينا في فضائل الأعمال، وما لا يضع حكماً أو يرفعه تساهلنا في الأسانيد".
13- ذلك الخبر، المبيت على الفراش، سيستفز محدثا عبقريا كالترمذي وسيرفضه جملة وتفصيلا.
14- وسيأتي الذهبي لينكر الخبر.
15- الصاعقة: لنذهب إلى البخاري أشد المحدثين فحصاً للأخبار في كتاب الهجرة للبخاري نجد الرجل قد أحاط بأخبارها وتتبعها في ٢٤ حديثاً، وما من إشارة واحدة إلى نوم علي في فراش.
الخطبيب البغدادي، الكفاية في علم الرواية، ص: ٠١٦٣
16- يحذو الإمام مسلم حذو البخاري ويهملان تلك القصة كلياً كما أسلفنا، وإذا هبطنا في علم الحديث درجة من الشيخين إلى أصحاب السنن الأربعة: ابن ماجة الترمذي، النسائي، أبو داوود لا نجد للقصة أثراً سوى في رواية باهتة عند النسائي تتناقض كلياً مع تفاصيل ليلة الهجرة لدى الشيخين. فعند البخاري أن النبي وصاحبه خرجا معاً من منزل أبي بكر.
وفي رواية النسائي (عن أبي بلج الوضاع)، التي تفسح مجالاً لعلي، تقول إن أبا بكر لم يكن له علم بالمكان الذي ذهب إليه النبي. إن رواية النسائي، إذن، تنسف دور آل أبي بكر بالكامل لتهبط درجة، وفقا لجودة المعايير العلمية المتبعة آنذاك، ولنبحث عن خبر المنام في كتب السير والمغازي، ومحدثي الدرجة الثالثة كابن حنبل والبيهقي والحاكم. هناك سنجد القصة، قصة نوم علي في فراش النبي، وسيوردها ابن حنبل في مسنده كما أسلفنا لنتذكر أن مسند الإمام أحمد يبلغ أربعة أضعاف حجم صحيح البخاري.
أتمنى أنكم قد أدركتم خطر إخراج أبي بكر وأهل بيته من هذا الشرف العظيم الذي اختصهم به رسول الله (ﷺ)، فقد كان أبو بكر وأهله من رتبوا وجهزوا أعظم ليلة ورحلة في تأريخ الدنيا بأكملها، رحلة غيرت مجرى التأريخ.
وبقي أن نضع لكم حديث الإمام البخاري الذي يؤكد لنا ضعف ووضع هذه الروايات كما ورد:
((هاجر ناس إلى الحبشة من المسلمين ، وتجهز أبو بكر مهاجرا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( على رسلك ، فإني أرجو أن يؤذن لي ) . فقال أبو بكر : أوترجوه بأبي أنت ؟ قال : ( نعم ) . فحبس أبو بكر نفسه على النبي صلى الله عليه وسلم لصحبته ، وعلف راحلتين كانتا عنده ورق السمر أربعة أشهر . قال عروة : قالت عائشة : فبينا نحن يوما جلوس في بيتنا في نحر الظهيرة ، فقال قائل لأبي بكر : هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم مقبلا متقنعا ، في ساعة لم يكن يأتينا فيها ،
قال أبو بكر : فدى له بأبي وأمي ، والله إن جاء به في هذه الساعة لأمر ، فجاء النبي صلى الله عليه وسلم فاستأذن فأذن له فدخل ، فقال حين دخل لأبي بكر : ( أخرج من عندك ) . قال : إنما هم أهلك بأبي أنت يا رسول الله . قال : ( فإني قد أذن لي في الخروج ) . قال : فالصحبة بأبي أنت وأمي يا رسول الله ؟ قال : ( نعم ) . قال : فخذ بأبي أنت يا رسول الله إحدى راحلتي هاتين ، قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( بالثمن ) . قالت : فجهزناهما أحدث الجهاز ، وضعنا لهما سفرة في جراب ، فقطعت أسماء بنت أبي بكر قطعة من نطاقها ، فأوكت به الجراب ، ولذلك كانت تسمى ذات النطاقين . ثم لحق النبي صلى الله عليه وسلم وأبو بكر بغار في جبل يقال له ثور ، فمكث فيه ثلاث ليال ، يبيت عندهما عبد الله بن أبي بكر ، وهو غلام شاب لقن ثقف ، فيرحل من عندهما سحرا ، فيصبح مع قريش بمكة كبائت ، فلا يسمع أثرا يكادان به إلا وعاه ، حتى يأتيهما بخبر ذلك حين يختلط الظلام ، ويرعى عليهما عامر بن فهيرة مولى أبي بكر منحة من غنم ، فيريحها عليهما حين تذهب ساعة من العشاء ، فيبيتان في رسلها حتى ينعق بها عامر بن فهيرة بغلس ، يفعل ذلك كل ليلة من تلك الليالي الثلاث))
الراوي: عائشة المحدث: البخاري – المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم 5807
كتبه عبدالرحمن الداخل ابن اليمان

إرسال تعليق

أحدث أقدم