مقدمة في تمحيص تاريخ الموروث السني بعد نكبة الزاب


عندما انتصرت جيوش الحلف السبئي العباسي على اجدادنا في معركة الزاب اطلقوا العنان لاحدى اكبر عمليات الابادة الجماعيه في تاريخنا حيث ان كل انتصارات اتباع الدين الباطني يعقبها عمليات قتل متفلتة من كل رادع من ضمير او اخلاق.

وهذه ثابتة تاريخية ان تتكلل الانتصارات اتباع  الباطنية بالقتل والابادة.

اضافة الى جرائم الابادة الجسدية بحق اهل الشام التي ارتكبها العباسيون مع حلفائهم السبئيين عمد السبئيون الى محو تاريخ الراشدين والتاريخ الاموي من الذاكرة وقاموا بتزوير التاريخ واطلقوا اكبر عملية لصناعة الاحاديث المكذوبة على رسول الله صلى الله عليه وسلم لان المسلمون منذ ابو بكر الصديق رضي الله عنه حتى الحجاج وعبدالملك كانوا قد سدوا وبشكل مطلق اي امكانية للعبث بالقرآن الكريم وقد علِمنا الانتقام الذي تعرض له سيدنا عثمان رضي الله عنه بعد ان تمكن منه الباطنيون السبئيون تشفياً منهم لما له من فضل في حفظ القرآن الكريم.

ومن اجل تدمير الاسلام وتدمير البنيان الذي اقامه جيل الصحابة وجيل التابعين من دولة كبيرة ومنظومة حضارية اجتماعية علمية فقهية ايمانية، كان أمام السبئيين طريق واحد وهو تدمير الصحابة اي الطعن بهم والانتقاص منهم وتشويه تاريخهم اي تدمير الحلقة الاولى في سلسلة انتقال الاسلام عبر الاجيال وعند تدمير الحلقة الاولى فلن يتبقى هناك سلسلة من اصله وينتهي الاسلام.

لذلك تشكل هزيمة الزاب منعطف تاريخي كبير ولا نزال نعيش مفاعيل هذه الهزيمة حتى ايامنا هذه.

قبل الزاب كان المسلمون يصنعون التاريخ وبعد الزاب قام السبئيون بكتابة تاريخنا.

منذ انتهاء عصر النبوة حتى ما قبل معركة الزاب كانت حقبة عمل الاليات الحضارية المنبثقة من الهدي المحمدي الذي حافظ المسلمون على نقائه وقد تمكنوا بسهولة كبيرة من افشال كل محاولات الانقلابات الشيطانية منذ انقلاب بعض القبائل العربية مع ادعياء نبوة كذبة الى محاولة الانقلاب السبئي (راجع بهذا الخصوص الانقلاب الاول والثاني من المنظومة الفكرية السنية) الى ظهور حركات النابتة ونزعات ابليس الذي اغوى ادعياء سلطة الى التمرد كابن الزبير وابن الاشعت.

كل هذه العوارض الشيطانية كانت محدودة التاثير بينما كانت تعمل الماكينة الحضارية المسلمة باقصى طاقتها وتعيد صياغة التاريخ الانساني وفق المحددات الرحمانية المنبثقة من الهدي المحمدي.

لقد كان مضى وقت طويل منذ ان تفرد ابليس في الهيمنة على الكرة الارضية وكانت بعثة سيدنا محمد ايذاناً بإنتهاء عصر ابليس كما ذكرته الاية الكريمة في فواتح سورة الجن، حيث قالت الجن عندما لاحظت التغيير :

" وَأَنَّا لَمَسۡنَا ٱلسَّمَآءَ فَوَجَدۡنَٰهَا مُلِئَتۡ حَرَسٗا شَدِيدٗا وَشُهُبٗا (8) وَأَنَّا كُنَّا نَقۡعُدُ مِنۡهَا مَقَٰعِدَ لِلسَّمۡعِۖ فَمَن يَسۡتَمِعِ ٱلۡأٓنَ يَجِدۡ لَهُۥ شِهَابٗا رَّصَدٗا (9) وَأَنَّا لَا نَدۡرِيٓ أَشَرٌّ أُرِيدَ بِمَن فِي ٱلۡأَرۡضِ أَمۡ أَرَادَ بِهِمۡ رَبُّهُمۡ رَشَدٗا "

لا شك ان الاحداث التي رافقت الانقلاب الثاني من قيادة علي بن ابي طالب للجيش السبئي في موقعة البصرة ومعركة صفين ومن ثم خروج حسين الى الكوفة لقيادة عملية التمرد على دولة المسلمين وقتله من قبل السبئيين في كربلاء ومن ثم التمرد الذي قام به عبدالله بن الزبير وغيرها من الحوادث التي حصلت كمثل خيانة ابن الاشعث وسعيد بن جبير، كل هذه الحوادث شكلت مادة تاريخيه للسبئيين ارتكزوا عليها لكتابة تاريخ مزور، يَقلِب الامور رأساً على عقب ويجعل الابيض اسود والاسود ابيض.

تحت اقلام السبئيين اصبح الباطنيين السبئيين كامثال سعيد بن جبير وحجر بن عدي و الجعد بن درهم وامثالهم من الفسقة من اولياء الله الصالحين بينما تم رسم العظماء من امثال خالد ومعاوية والحجاج وهشام وغيرهم من خيار القوم بصورة مناقضة تماماً لحقيقة هؤلاء العظماء الذين   زكاهم الله في محكم اياته.

قبل ان نستعرض آلية التزوير السبئية لا بد من ان نقوم بالاجابة على سؤال جوهري، لماذا لم ينجح السبئيون وبالرغم من كل جهود التزوير من طمس الحقائق التاريخية بما يتعلق بعظمة وبعدالة الصحابة رضي الله عنهم اجمعين، الجواب هو ان الحقائق التاريخية الصحيحة عن الصحابة كانت مستقرة في وجدان المسلمين ومحبة الصحابة بما هم اهله تنتقل بالمشاعر الصادقة في العوائل المسلمة ولأن حبل المودة والتراحم موصول لا انقطاع له، اوله هو حب رسول الله صلى الله عليه وسلم واخره يمتد ما دام على هذه الارض مسلماً يوحد الله ويستمسك بالعروة الوثقى التي اخبرنا رب العزة انه لا انفصام لها.

تواتر الهدي المحمدي يرافقه تواتر حقيقة الاخبار الحقيقة لتلك الحقبة المباركة وتواتر المشاعر والأحاسيس التي عبقت بها تلك الحقبة.

لذلك يمكن خداع العقل المسلم (السني) ولكن لا يمكن تلويث نفسه ولا يمكن خداع وجدانه.

هزيمة جيش المسلمين امام جيوش الحلف السبئي العباسي في معركة الزاب انهت حالة تفرد الهدي المحمدي على حركة التاريخ و تسلل ابليس تحت الف لبوس و لبوس لينفذ وعيده كما ذكره القرآن الكريم، عندما قال :

"قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ (16) ثُمَّ لَآتِيَنَّهُم مِّن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَن شَمَائِلِهِمْ ۖ وَلَا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ"

وبدأت ماكينة ابليس بالعمل من داخل المنظومة المسلمة لزرع المحددات الشيطانية في آلية عمل المنظومة الرحمانية ولنثر البذار الخبيثة التي اعطت اشجار خبيثة التي ومهما اختلفت تلاوينها فاصلها واحد وطبيعتها واحدة وكل شجرة منها هي طريق مموه اختطه ابليس داخل المنظومة الرحمانية ليُخرج الناس عن الصراط المستقيم ويرسل بهم الى جهنم وبئس المصير.

ان نتبع مفاسد ابليس واقتلاع بذوره الخبيثة ووضع علامات تحذير عند المفترقات التي تخرج بالانسان الى مزالق الشيطان هو مهمة قادة الرأي والنخب الفكرية السنية وهذه هي ما اردناه من نشر المنظومة الفكرية السنية من خلال تتبع اثر ابليس في منظومتنا الرحمانية واقتلاع جذوره الخبيثة وتحقيق الانتصار عليه وإنهاء حقبته الراهنة واجباره على التنحي جانباً ليعيد حساباته وينكب على استبدال منظومته التي قمنا بتفكيكها وليعاود حظه مع الاجيال المسلمة القادمة والذين لا نشك بانهم سيكونون خير خلف لخير سلف وان الزرع المحمدي سيعطي وفي كل العصور نبتاً طيباً.

انها جولات بين اهل الرحمن واتباع الشيطان وانه تعاقب دورتين لا ثالث لهما دورة الرحمن ودورة الشيطان.

فدورة الرحمن لها اهلها.

ودورة الشيطان لها وقودها.

ومن اجدر بدورة الرحمن ممن تنكر لهم العالم باسره واداروا ظهورهم للعالم ليستقبلوا وجه الله والذين يخضعون للتمحيص والابتلاء حتى زاغت الابصار وبلغت القلوب الحناجر وعزائهم الوحيد قول الله عز وجل:

"أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُم مَّثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلِكُم ۖ مَّسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّىٰ يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَىٰ نَصْرُ اللَّهِ ۗ أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ"

يتبع…

إرسال تعليق

أحدث أقدم