تشيع الإمام النسائي صاحب السنن

بداية النسائي هو من علماء الحديث وخاتمة الحفاظ المتقدمين. أشهر كتبه هو السنن الكبرى (وله عدة روايات) ثم استخلص منه أصح الأحاديث وكتبها في كتابه المجتبى الذي يسمى بالسنن الصغرى. وهو بالجملة أصح من سنن الترمذي وسنن أبي داود، وإن كان فيه أحاديث ضعيفة.
لكن يبقى مجتبى النسائي (السنن الصغرى) أفضل وأعلى طبقة من كثير من الكتب التي ادعت الصحة وفشلت فيها، مثل صحيح (!) ابن حبان، ومستدرك الحاكم، والمختارة، والمنتقى، والسلسلة الصحيحة للألباني، وأمثال ذلك. والله أعلم بالصواب.
تشيع النسائي
النّسائي هو أحمد بن شعيب: فارسي ولد في فارس ببلدة نساء. وقد قال عنه الذهبي في سير أعلام النبلاء (14|133): «فيه قليل تشيع وانحراف عن خصوم الإمام علي كمعاوية وعمرو». وعلى أية حال فتشيع النسائي كان خفيفاً لا يترتب عليه تبديع، وليس فيها طعن في العدالة.
وقد أنكر أهل السنة على النسائي أنه كتب كتاباً في خصائص علي دون أن يذكر الشيخين (علما أن علي ليس له خصائص مثل أبي بكر وعمر وإنما له فضائل لا يختص بها). وقد اعتذر عن ذلك بأنه كتبه للنواصب فقط! والغريب أنه كتب فيه الكثير من الأحاديث الضعيفة والموضوعة.
قال شيخ الإسلام في منهاج السنة النبوية (7|178): «النسائي صنف "خصائص علي" وذكر فيه عدَّة أحاديث ضعيفة». ثم إنه اضطرّ –تحت وطأة ضغوط أهل السنة– إلى تصنيف "فضائل الصحابة"، لكنه لم يذكر فيه الأحاديث في فضل معاوية رضي الله عنه. فقيل له ألا تخرج فضائل معاوية؟ فقال: «أي شيء أخرج؟ حديث اللهم لا تشبع بطنه؟». فسكت السائل.
قلت: والعجيب أن النسائي قد فهم هذا الحديث الضعيف على أنه مذمة، مع أن النسائي معدود من الأكلة المشهورين. فلا أكاد أقرأ له ترجمة إلا ويذكرون بها ولعه بالنساء والطعام. فقد ذكر المِزِّي على سبيل المثال في تهذيب الكمال (1|337): «وكان يكثر الجماع مع صوم يوم وإفطار يوم. وكان له أربع زوجات يقسم لهن. ولا يخلو مع ذلك من جارية واثنتين يشتري الواحدة خامسيه ونحوها، ويقسم لها كما يقسم للحرائر. وكان قوته في كل يوم رطل خبز جيد يؤخذ له من سويقة العرافين لا يأكل غيره كان صائماً أو مفطرا. وكان يكثر أكل الديوك الكبار تشترى له وتُسَمّن ثم تذبح فيأكلها، ويذكر أن ذلك ينفعه في باب الجماع!!».
ثم إنه كما يقال ذهب مرة إلى دمشق، فسُئِل بها عن معاوية وما جاء في فضائله، فقال: «لا يرضى رأساً برأس حتى يفضل؟». فضربه أهلها تعزيراً له لاستخفافه بصاحب رسول الله ﷺ، ثم خرج منها وتوفي في الرملة بفلسطين. مع شكي بهذه القصة حيث رواها محمد بن إسحاق الأصبهاني، قال: سمعت مشايخنا بمصر يذكرون أن أبا عبد الرحمن فارق مصر في آخر عمره. أي القصة عن مجاهيل.
كل هذا يظهر أنه كان عنده تشيع، لكنه ليس بتشيع شديد. فإن له أقوالاً أخرى يثبت فيها فضائل معاوية ويترضى عنه. قال الحافظ أبو القاسم: «وهذه الحكاية لا تدل على سوء اعتقاد أبي عبد الرحمن في معاوية بن أبي سفيان. وإنما تدل على الكف في ذكره بكل حال». ثم روى بإسناده: سئل أبو عبد الرحمن النسائي عن معاوية بن أبي سفيان صاحب رسول الله ﷺ، فقال: «إنما الإسلام كدار لها باب. فباب الإسلام الصحابة. فمن آذى الصحابة، إنما أراد الإسلام. كمن نقر الباب، إنما يريد دخول الدار. فمن أراد معاوية فإنما أراد الصحابة». فهو إذاًَ لم يرَ من الحكمة أن يحدث النواصب بفضائل معاوية فيزيدهم تمسكاً ببدعتهم. وكذلك لا يصح تحديث الشيعة بفضائل علي، ولا الخوارج بأحاديث الوعيد، ولا المرجئة بأحاديث النجاة.
كتبه الدكتور وسام العظمة (دكتوراه في علم الحديث)
جرب تنزيل ودراسة ملف #المنظومة_الفكرية_السنية في مدونة #الوعي_السياسي - الجامعة الأهلية -
#أمويون قادمون وبعون الله منتصرون🤲

 

إرسال تعليق

أحدث أقدم