اشكالية الخروج من الحلقة المفرغة وكسر سلسلة الهزائم والتردي كانت السؤال الذي طرحه كل القادة والعظماء الذين اسهموا في حركة التاريخ ونجحوا في مشاريعهم وفي حشد شعوبهم وقيادتها الى الانتصار والى تحقيق مشروعهم الوطني والحضاري.
ويمكن طرح السؤال بشكل أكاديمي : كيف يمكن تحويل قطعان بشرية الى شعب ذو سيادة وقرار؟!.
الجواب : بإعطائهم وعي سياسي. والوعي السياسي هنا هو إطار وعي فكري وأهداف يجب تحقيقها وبعبارة أخرى صناعة مشروع يتوافق مع خصائص هذا الشعب ويلبي طموحاته.
ومن المعلوم والمُحقَق انه اذا لم يكن لديك مشروعك الخاص فستكون حكماً ضحية مشاريع الأخرين.
ما هي مكونات الوعي السياسي :
اولاً : تحديد الانتماء:
ينبغي بالمشروع السياسي ان يقترح انتماءاً معيناً لانه في غياب انتماء مشترك لا يمكن حشد الجهود، لذلك نرى ان كل المشاريع التي تعاقبت في منطقتنا العربية السنية ارتكزت كل منها على خلق انتماءات مزيفة تم فرضها بالخديعة وبالقوة على شعبنا وأن مجرد القبول بأي انتماء يعني القبول بما يترتب عليه من التزامات.
في اساس كل إنتماء يوجد ايديولوجية معينة أي منظومة فلسفية أو دينية حتى ولو لم تعلن عن نفسها.
فمثلاً وراء الانتماء العروبي ايدلوجية قومية (حملها وروج لها الشيعة الاسماعيليين) وقد تم استيراد مفهوم القومية من التجربة الاوروبية وهي ذو خلفية علمانية وهي تضع المحددات العرقية والثقافية فوق المحددات الدينية ظاهراً وهي في الواقع تقوم بإخفاء الاساس الديني حتى تتمكن من خداع الناس. التمعن في كل القوميات التي ظهرت في اوروبا والعالم الغربي يكشف عن الاساس الديني الدفين وراء كل ايديولوجية قومية، حيث يمكن تشبيه القومية بالجسد والدين الكامن في عمقها بالروح. فالعقيدة البروتستانية تكمن في القومية الالمانية والكاثوليكية بنسختها التفتيشية تمكن في القوميات الاوروبية اللاتينية والارثوذكسية تكمن في القوميات السلافية كما يكمُن التشيعّ الاسماعيلي وراء القومية العربية (ولا عجب من ان نرى مجمل الحركات القومية العربية توالي ايران الشيعية الفارسية)
ثانياً : الوسادة اللاهوتية
ما هي الوسادة اللاهوتية للقومية العربية ؟
القوميات التي تم غرسها في المنطقة العربية هي كالحبال التي تم تقديمها للعرب المسلمين (السنة) الذين قاموا بلفها بانفسهم حول رقابهم، وامتن هذه الحبال كان حبل القومية العربية حيث ان اطروحات القوميات الاخرى (لبنانية، سورية، قبطية، ..) كانت من الهزالة حيث ان العرب وبالرغم من وجودهم في اسفل دورتهم الحضارية لم يقتنعوا بها.
اذاً القومية العربية كانت الحبل الذي تم إهدائه للعرب المسلمين ليشنقوا انفسهم به وهم في غاية الحماس والسرور.
القومية العربية كانت مطيةً لسيطرة الاقليات الدينية والى تمكين الاقليات وخاصة الشيعية في السيطرة والتحكم بالمنطقة العربية كوكلاء للمنظومة المهيمنة.
القومية العربية كانت تهدف في بدايات ظهورها الى فصم عرى الهوية الدينية مع الدولة العثمانية وترحيل كلمة سني من الوعي العام وحيث انه يمكن تلخيصها بتخلي المسملون السنة عن انتماءهم السني العربي بعد ان يتبنوا التشيّع السياسي مقابل ان تتمسك الاقليات بعصبياتها الدينية. ففي مقابل الاختفاء التدريجي للعصبية السنية والتي كانت بمثابة الهيكل العظمي الذي يعطي للأمة تماسكها كانت العصبيات الدينية للاقليات تشتد وتقوى وتجرف في تيارها اهل السنة انفسهم.
#المنظومة_الفكرية_السنية من أجل ثقافة #سنية خالية من #التشيع