العداوة بين منظومة الرحمن و منظومة الشيطان هي ثابتة وهي المحدد الأساسي في مسار ومآلات هذا الكون.
القرآن الكريم في سورة الرحمن يعرض تسلسل مراحل وجود هذا الكون منذ بدايته حتى قيام الساعة وما يليها من ترتيب نتائجه.
الرحمن هي الصفة الالهية التي يندرج تحتها خلق الكون والانسان.
الرحمن هي الصفة التي يتجلى بها الله لعباده في الدنيا.
الرحيم هي الصفة التي يتجلى بها الله لعباده يوم البعث والنشور.
سورة الرحمن تبين لنا تداخل منظومة الشيطان مع منظومة الرحمن، حيث ان هذا التداخل يشمل كل مفاصل تطور مراحل الخليقة حيث ان تاريخ الانسان هو تعاقب دورتين لا ثالث لهما : دورة الرحمن ودورة الشيطان.
دورة الرحمن لها اهلها،
دورة الشيطان لها وقودها.
والثبات على الصراط المستقيم هو جهاد مستمر على المستوى الفردي والمستوى الجماعي في خضم صراع مستمر الى يوم الدين.
"قَالَ اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ ۖ وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَىٰ حِينٍ"
وموقع الانسان في هذا الصراع يحدد مرتبته يوم القيامة.
وأن يأخذ المسلم موقعه في هذا الصراع هو إبراء لذمته امام الله ورسوله والمؤمنين. فعندما ينطق الانسان بالشهادة فإنه يتبرأ اولاً من الشيطان قبل ان يُشهد على نفسه انه يتوجه الى الله وسبيله الى الله هو الهدي المحمدي على صاحبه الصلاة والسلام.
منذ بدء الخليقة، يوجد في العالم دينان لا ثالث لهما.
- دين الرحمن وهو الاسلام.
- دين الشيطان وهو الدين الباطني بكل تفرعاته ومذاهبه وفلسفاته ودهاليزه و اقبيته وتشعوُذاته واباطيله.
الاسلام هو دين طاعة الله وتزكية النفس.
دين الشيطان هو الباطنية اي تدسية النفس ووأدها تحت تراكمات الاوهام والخرافات والتشعوْذ والاهواء.
اذاً خيط الصراع بين اهل الرحمن وبين اتباع الشيطان مستمر منذ ان ازَلّ الشيطان آدم وزوجه عن الجنة، وامر الله بان يهبط الجميع الى الارض ليكونوا عدواً لبعضهم البعض وقد امر الله بني آدم ان يتحروا الهدي الرباني الذي يأتي به الرسل ليكون لهم منجاة يوم القيامة وليتفلتوا من احابيل الشيطان.
مزالق الشيطان هي الغواية ومواطن الشبهات.
"قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ (16) ثُمَّ لَآتِيَنَّهُم مِّن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَن شَمَائِلِهِمْ ۖ وَلَا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ"
هذا عمل الشيطان.
عمل اهل الرحمن هو تعطيل الاعيب الشيطان وتفكيك شبهاته وفضح التدليس والتلبيس وازالة الضباب الذي ينثره ابليس حتى يغشى الابصار والقلوب.
منذ البعثة المحمدية الشريفة كان للرجال العظماء من امة محمد صلى الله عليه وسلم فضل تحصين الدين وحمايته من ان يعبث به الشياطين، وسنورد هنا المفاصل المهمة التي قيّض الله للامة بعد رسوله لهذا الدين من يدرء عنه الخبث والعبث.
اول هذه السلسلة المباركة هو سيدنا ابو بكر الصديق رضي الله عنه الذي انفرد من بين كل صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم في عدم الانخداع بظواهر الامور عندما ارتدت الاعراب وظهر الانبياء الكذبة وخرج الى الشرك كله على سواء ووضع التاريخ في وجهته الصحيحة.
ونذكر سيدنا عثمان رضي الله عنه الذي منع تعدد المصاحف واغلق الباب بشكل مطلق على اي تحريف وحفظ الله به كتابه الكريم وكان ان انتقم منه اعداء الله شر انتقام وقتلوه شهيداً بإذن الله.
ونذكر السيدة عائشة ام المؤمنين التي التجأ الى حماها الطاهر اهل الاسلام بعد الانقلاب السبئي وقتل عثمان وتنصيب علي بن ابي طالب من قبل البغاة وتجييش الجيوش السبئية تحت قيادته لقتال المسلمين والفتك بهم في موقعة الجمل وصفين والنهروان، وقد عصم الله اهل الاسلام بزوج رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم وابنة صدّيق هذه الامة من ان يدخل ابليس الى نفوسهم بشبهة قرابة قائد السبئيين من النبي الكريم.
ونذكر الحجاج وعبد الملك من التابعين والذين قاموا بإعجام القرآن الكريم واغلقوا الباب حتى لا يستخدم الاعاجم لحن لسانهم وزيغ منطقهم للتحريف.
ونذكر الامامين الاشعري والماتريدي الذين قاموا بدرء الشبهات عن تنزيه الله تعالى، كما نذكر معهم علماء الامة الاجلاء الذين وضعوا علم الكلام لدرء الشبهات عن الدين بالمحاججة العقلية.
ونذكر الامام البخاري الذي انبرى ليضع حداً للكذب عن رسول الله عبر وضع منهجية محكّمة لتمييز الاحاديث المكذوبة ولتعطيل آلة الكذب العباسية السبئية.
ونذكر الامام الغزالي الذي اعاد إحياء علوم الدين وفضح الدين الباطني ووضع منهجيات التفكير العلمية. لقد قام الغزالي بعمل جبار مكّن المسلمين من استعادة المبادرة الفكرية والسياسية واظهر هشاشة المنظومة الفكرية الباطنية وقام بتفنيد المنهجيات الفلسفية واوضح مزالق الشيطان وابواب الشبهات.
كان لا بد من عقول سنية (مسلمة) تكمل ما بدأه الغزالي رحمه الله بمتابعة تجديد الحيوية الحضارية والفكرية ولكن قدّر الله ان أُبتليت هذه الامة بعقل جبار عمل على تدمير ما قام ببنائه الغزالي ودعم شبهة تعارض العقل مع النقل وانتصر للفلسفة اليونانية ضد الدين، هذا هو الدور الذي قام به ابن رشد الذي وضع امام المفكرين واللاهوتيين الغربيين الثغرات التي يمكنهم من خلالها الدخول لاثارة الشبهات على الاسلام واشاع ان الغزالي قضى على العلم واشاع الجهل بينما الواقع يقول ان ثمار مجهود الغزالي رحمه الله كانت القضاء على التشيّع وطرد الصليبين من بلادنا وظهور ممالك ودول اعزت الاسلام واهله بِدئاً بالدولة الزنكية الايوبية وممالك المغول المزدهرة والدولة العثمانية.
متابعة ما بدأه الغزالي يقع على عاتق النخب والمفكرين المسلمين (السنة)
"إِن يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِّثْلُهُ ۚ وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنكُمْ شُهَدَاءَ ۗ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ"
#المنظومة_الفكرية_السنية من أجل ثقافة #سنية خالية من #التشيع