بَنو أُمَيَّةَ لِلأَنباءِ ما فَتَحوا * وَلِلأَحاديثِ ما سادوا وَما دانوا


 أمويون اللوحة من أعمال الرسام الألماني يوليوس كوكرت.

الصورة تظهر أمير المؤمنين الوليد بن عبدالملك، وعن شماله أخيه البطل العسكري مَسلمة متقلدا سيفه. وأمامه سفارة الروم جاثين على ركبهم يقدمون الجزية. ويلاحظ الجامع الأموي في الخلف.
التحليل الاستراتيجي للتاريخ:
ترك عبد الملك بن مروان لابنه الوليد دولة قوية غنية مستقرة خالية من الفتن. واستمر الوليد بسياسة أبيه بإنفاق هذا المال على الجهاد في سبيل الله. ورغم ظهور بعض مظاهر الترف مثل بناء مسجد قبة الصخرة في عهد عبد الملك، ثم بناء المسجد الأموي بدمشق في عهد الوليد، فهذا كان ضرورة لإظهار عظمة هذه الدولة. وظهر لنا فن معماري جديد لم يكن موجود سابقا.
سياسة الأمويون كانت إنفاق المال الزائد على الجهاد لنشر الإسلام، بدلا من يسبب الترف والتنازع بين الناس. ونجح الوليد بالقيام بفتوحات هائلة، فتم إعادة فتح شمال إفريقيا وإنهاء ثورات البربر، ثم تم فتح الأندلس. أما في المشرق فقتيبة الباهلي سحق ممالك الترك القوية ثم وصل للصين وأجبرها على دفع الجزية. وكان ينوي فتحها لولا موت الحجاج. وكذلك نجح محمد الثقفي في فتح باكستان وكان ينوي فتح كشمير لولا موت الحجاج.
داخليا كان هناك صراع سياسي بين شبكة مصالح يمثلها الوليد، وشبكة معارضة يتزعمها أخوه سليمان وابن عمه عمر بن عبد العزيز، الذي كان واليا على المدينة ومقربا من شبكتها. حاول الوليد عزل أخيه سليمان عن ولاية العهد، لكنه لم يقدر.
سليمان كان يتوعد ولاة الوليد بالعقوبة فور استلامه الخلافة. وطلب من موسى بن نصير عدم القدوم على أخيه بدمشق حتى يموت حتى يقوم هو بتوزيع المال على شبكته، لكن موسى أبى أن يعصي الخليفة وقدم على الوليد فنقم عليه سليمان.
والحجاج دعى ربه أن يميته قبل موت الوليد، واستجاب الله لدعاء الحجاج ورحمه. لكن ما ان استلم سليمان حتى قام بالبطش والانتقام من الفاتحين العظام لمجرد أنهم ولاة أخيه. فقتل قتيبة وعذب موسى وقتل محمد الثقفي تحت التعذيب، وصار كل من عمل للحجاج ملاحقا.
وبالجملة سليمان عهده كان قصيرا وفاشلا فلم يحقق أي فتوحات حقيقية، وإنما وضع كل جهده في حملة فتح القسطنطينية مختارا الطريق الأصعب (فتحها مباشرة دون خط إمداد)، وبعد شدائد كثيرة والمدينة كادت أن فتح، جاء عمر وأكمل الفشل بأن أمر الجيش أن ينسحب فورا مسببا خسائر فادحة.
وعهد عمر بن عبد العزيز سبق الكلام عليه، ليس فقط أوقف الفتوحات بل قام بالانسحاب من عدة بلاد مفتوحة وتسليمها للكفار، كما فعل في بلاد الترك وفي قبرص وكان ينوي الانسحاب من الأندلس!
إلى أن جاء يزيد بن عبد الملك وحاول مجددا إعادة التوازن بين شبكة الوليد وبين شبكة سليمان، وكذلك فعل هشام، لكن فترة هشام تحتاج لكلام أطول.
من جدار الأخ السني الأموي الفاضل د. وسام
يتبع ...
مقدمة في تمحيص تاريخ الموروث #السني بعد نكبة #الزاب

إرسال تعليق

أحدث أقدم