المقدمة
في اطار معركة الوعي قمت خلال الاشهر الماضية باطلاق دورات تثقيفية هدفها توسيع الافق ورفع سقف التفكير.
ربما هناك من شبابنا ومن اهلنا يتساءل عن جدوى الكلام
بامور تاريخية او ثقافية او معالجة حيثيات دينية في الوقت الذي نعيش فيه ظروف صعبة
ونواجه معاناة كبيرة على كل الاصعدة المعيشية والحياتية اضافة الى وجود الغالبية
العظمى من شعبنا في وضع امني مكشوف ويتعرضون للاضطهاد والسؤال البديهي الذي يطرح
نفسه، ما فائدة الفكر والكلام على الارض ومن حقكم وانتم اهلي وعزوتي ان تطالبوني
بفعل على الارض، بشيئ ما يخفف المعاناة ويوحد الصفوف وبنتائج ملموسة على ارض
الواقع.
احبتي اني اشعر بمعاناتكم لاني وليست معاناتي باقل من
معاناتكم واني احس بالامكم في نفسي ويتقطر قلبي دماً عند كل مشهد من مشاهد الذل
والفقر والمعاناة التي اراها.
لكني احب ان اذكركم اننا لم نتمكن من الذهاب بثورتنا الى
النصر واحب ان اتساءل معكم لماذا فشلنا في ذلك، بكل بساطة لانه لم يكن هناك فكر
يقود الثورة ولم يكن مجتمعنا محصّن وكان من السهل جداً اختراق صفوفنا، فلم تكن
تنقصنا الشجاعة ولم يكن ينقصنا الذكاء انما كان ينقصنا معرفة عدونا من صديقنا وكان
ينقصنا معرفة السياق الاقليمي والدولي والسياق التاريخي كان ينقصنا معرفة كيف يفكر
اعدائنا ومعرفة آليات تفكيرهم والاسس الفكرية والدينية التي يحددون على اساسها
مصالحهم ويحددون مواقفهم.
اهلي واحبتي،
اود ان استرشد معكم بما كان عليه حال نبينا الكريم صلى
الله عليه وسلم وحال المستضعفين المسلمين معه في شِعب بني هاشم ومنع عنهم مستلزمات
الحياة الضرورية، وكيف خرج المسلمون من هذه التجربة الاليمة اقوياء وقد اثبتت
مجريات الامور فيما بعد فشل هذا الحصار في وقف اندفاع الرسالة وفشله في كسر
الارادة وفشله في جعل اليأس يتسرب الى النفوس،
لماذا !
لان المسلمون لم يقضوا وقتهم بالتذمر والتحسر والندب على
حالهم انما بالاستعداد وبشحن هممهم وبتحويل ذلك الشِعب القحط الى خلية نحل ينقسم
فيها المسلمون بين معلم ومتعلم.
احبتي، نحن اليوم اقرب الى الانتصار من اي وقت مضى، ولكن
التحرير والانتصار لن يأتي وحده انما بالمجهود وبالمثابرة.
الوقت لصالحنا، والتطورات التي تجري في المنطقة والعالم
تتجه نحو خلق ظروف مؤاتية جداً لقضيتنا، ولم يتبقى علينا الا الاستعداد لذلك،
وبالطريقة المناسبة والالتزام بامر الله :
"وَأَعِدُّوا لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ
وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ
وَآخَرِينَ مِن دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ ۚ وَمَا
تُنفِقُوا مِن شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنتُمْ لَا
تُظْلَمُونَ"
لذلك فإني ادعوكم لأن نقوم سوياً ببناء آلية الاستعداد للحراك القادم.
المنظومة الفكرية السنية